اعتمدت "القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية"، لغة هجومية غير معتادة، في ردها على تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، التي اتهم فيها الأكراد بالخيانة. وحمّلت "قسد"، في بيان لها حمل عنوان "نحن من اسقط الخيانة"، ليل الإثنين، الأسد ونظامه مسؤولية إدخال "الإرهابيين" إلى سوريا.
وقال البيان "شعبنا في شمال شرق سوريا، قد انتفض ضده وضد نظامه القمعي الأمني الاستبدادي، وطرد منظومة الاستبداد بكل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وأنهى بذلك مرحلة قاتمة من تاريخ الظلم والقهر في البلاد دامت عقوداً تكبح على أنفاس السوريين بمختلف أطيافهم".
وعلى الرغم من أنه لم يذكرها بالاسم، فقد اتهم الأسد، الإثنين، "قوات سوريا الديموقراطية" بالخيانة، وقال: "عندما نتحدث عما يطلق عليه تسمية الأكراد، في الواقع هم ليسوا فقط أكراد، لديهم مختلف الشرائح في المنطقة الشرقية مساهمة معهم"، مضيفاً: "كل من يعمل لصالح الأجنبي، خاصة الآن، وتحت القيادة الأميركية ضد شعبه وضد جيشه فهو ببساطة خائن".
وأضاف بيان "قسد": "ليس مستغرباً أن يعتبر بشار الأسد القوات التي تساهم في تأسيس نظام اجتماعي مبني على العدالة والمساواة خيانة، ذلك أن هذه القوات منبثقة من صميم هذه التجربة، ومتمأسسة كجيش وطني يحارب الإرهاب ويدحره في كل الميادين، وبما أن منظومة الاستبداد تعتبر الحراك المطلبي الجماهيري مؤامرة كونية، فالمؤكد أنه سيعتبر كل ما انبثق عن هذا الحراك خيانة".
وتابع البيان: "إننا نعتقد بأن بشار الأسد وما تبقى من نظام حكمه، هم آخر من يحق لهم الحديث عن الخيانة، وتجلياتها، بما ان هذا النظام هو المسؤول مباشرة عن إطلاق يد الفصائل الطائفية في البلاد والتي عاثت فسادا في نسيج سوريا أرضاً وشعباً، وهذا النظام هو من فتح أبواب البلاد على مصراعيها امام جحافل الإرهاب الأجنبي التي جاءت من كل أصقاع الأرض، كما أنه هو بالذات الذي أطلق كل الإرهابيين من سجونه ليوغلوا في دماء السوريين بمختلف تشعباتهم".
وأضاف: "هذا النظام الذي ما زال يراهن على الفتنة الطائفية والعرقية ويتخدنق وفق هذه المعطيات، هو بذاته أحد تعاريف الخيانة، التي إن لم يتصدى لها السوريون سيؤدي بالبلاد إلى التقسيم وهو ما لن تسمح به قواتنا بأي شكل من الاشكال".
مستشار الرئاسة المشتركة لـ"الاتحاد الديموقراطي" سيهانوك ديبو، قال لـ"المدن"، "الأسد يعارض فيدرالية سوريا ويسعى إلى تفكيك سوريا". وقال ديبو: "الحل الفيدرالي هو الأمثل، لأنه سيحقق حالة الانتماء التي لم تكن موجودة أصلاً في سوريا. والاصرار على إعادة انتاج النظام المركزي سيؤدي إلى التقسيم".
تصاعد لغة التهديد من قبل النظام تجاه "قسد" كان قد بدأته مستشارة بشار الأسد، بثينة شعبان، التي أكدت أن النظام سيستعيد السيطرة على كامل سوريا. وقالت في أيلول/سبتمبر: "سواء كانت قوات سوريا الديموقراطية أو داعش أو أي قوة أجنبية غير شرعية موجودة في البلد تدعم هؤلاء، فنحن سوف نناضل ونعمل ضد هؤلاء إلى أن تتحرر أرضنا كاملة من أي معتد".
إطلاق الأسد لتصريحاته النارية ضد الأكراد، بعد لقائه وفداً حكومياً واقتصادياً روسياً، يشير، بحسب البعض، إلى رسالة روسية مبطنة إلى الأكراد. فلطالما سعت موسكو لسحب "الاتحاد الديموقراطي" من تحت عباءة واشنطن، مغازلة حلم الفيدرالية لديه. بل إنها أعلنت مؤخراً عن تنسيق مع "قسد" على تنفيذ عمليات ضد "داعش" شرقي ديرالزور. مصادر إعلامية مقربة من "قسد"، قالت إن اتفاقاً بين "قسد" وعشائر من ديرالزور موالية للنظام، تمّ الجمعة الماضي، برعاية روسية في مقر القوات الروسية في بلدة مراط، ويقضي بتفعيل عمل مؤسسات النظام في مناطق سيطرة "قسد" في ديرالزور.
إعلان الانسحاب الروسي "المفاجئ"، الثالث من نوعه خلال سنتين، كان قد ترافق مع تصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا في الأجواء السورية. فقبل يومين، حذّر وزير الدفاع الأميركي روسيا من الطيران غير الآمن لمقاتلاتها في الأجواء السورية، بعدما طردت مقاتلات أميركية مقاتلتين روسيتين حاولتا اختراق الأجواء فوق مواقع لقوات تدعمها واشنطن. الأمر الذي ربطه البعض بكلام الأسد التصعيدي ضد الأكراد من قاعدة حميميم.
كما ربط بعض المراقبين ازدياد التصعيد في خطاب أركان النظام السوري ضد "قسد" انطلاقاً من موقف إيراني مماثل. أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، كان قد قال الإثنين، إن بلاده ستبقى في سوريا "حتى القضاء نهائياً على كافة المجموعات الإرهابية". موقف شمخاني جاء في كلمة ألقاها في محافظة كردستان، غربي إيران، مشدداً على أن المحدد الوحيد لتحركات طهران في سوريا هو مقتضيات الأمن القومي الإيراني، وحفظ أمن المنطقة واستقرارها.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها