أعلن محمد الشيخ، أسماء وزراء حكومته "حكومة الإنقاذ" في الشمال السوري، الخميس، وسط وعود بتحقيق إنجازات، قد لا تتمكن التشكيلة الوزارية من الوفاء بها، وهي التي لا يخفى دور "هيئة تحرير الشام" في تعيين بعض وزرائها.
وتتألف "حكومة الإنقاذ" من 4 هيئات؛ "هيئة شؤون الأسرى" و"هيئة الرقابة والتفتيش" و"هيئة التخطيط والإحصاء" و"اتحاد نقابات العمال"، وسيكون لرئيس الحكومة نائب واحد للشؤون العسكرية، وقد تم تكليف العقيد رياض الأسعد بهذا المنصب.
وتضم الحكومة 11 وزيراً هم؛ أحمد نوري محمد ديب للداخلية، وإبراهيم شاشو للعدل، وأنس الموسى للأوقاف، وجمعة العمر للتعليم العالي، ومحمد جمال الشحود للتربية، وأحمد الجرك للصحة، وفايز الخليف للزراعة، وعبد السلام الخلف للاقتصاد، ومحمد علي عامر للشؤون الاجتماعية والمهجرين، وياسر نجار للإسكان وإعادة الإعمار، وفاضل طالب الإدارة للمحلية والخدمات.
وقبيل الإعلان عن تشكيلة "حكومة الانقاذ" قال الشيخ: "إن الحكومة تمثل عودة القرار للشعب السوري، وستكون المرجعية الوحيدة للشعب، وستحاول إنقاذ الثورة بكافة ملفاتها وأهمها المعتقلين والمغيبين، والمُهجّرين قسراً من مناطقهم، ممن خرجوا باتفاقيات المصالحة التي كانت لطرد السكان الأصليين من بيوتهم. وهدفنا إنقاذ الثورة من المؤامرات التي تحيكها دول العالم عبر الاجتماعات والمؤتمرات في جنيف وأستانة تحت رعاية المحتل الروسي المسبب في بقاء النظام وقتل الشعب السوري". وأضاف: "ينتظر منا الشعب السوري تخفيف معاناته بسبب الوضع الأمني السيء والقضاء المشتت والخدمات المتردية".
وفور الإعلان عن تشكيلها طالت الانتقادات الشيخ بسبب خياراته لوزراء حكومته، وبعضهم لا يملك الكفاءة الإدارية أو التخصص، ما يتناقض مع تصريحات الشيخ، ويؤكد التصور العام بأن "حكومة الانقاذ" هي وجه مدني لـ"هيئة تحرير الشام". هذا فضلاً عن اعتماد الحكومة "التي تمثل السوريين في كافة المناطق"، بحسب الشيخ، على وزراء ينتمي معظمهم لمحافظة إدلب، وتهميش الكفاءات من بقية المحافظات.
وبلغ عدد أبناء محافظة إدلب في الوزارة 9، بمن فيهم رئيس الحكومة والعقيد رياض الأسعد المنحدر من جبل الزاوية في إدلب. وضمت الحكومة وزيرين من حلب؛ ياسر النجار وإبراهيم شاشو، ووزيراً من دمشق؛ محمد علي عامر. ومن حماة وزير الأوقاف أنس الموسى.
أزمة أخرى، سرعان ما طفت على السطح، وإذ لم يكن لأبناء مدينة إدلب أي دور في هذه الحكومة، فكل الوزراء "الأدالبة" هم من أبناء الريف. هذا عدا عن التهميش الواضح للهيئات المدنية والسياسية الموجودة في إدلب؛ كـ"الهيئة السياسية في محافظة إدلب"، و"مجلس الأعيان" في المدينة، و"تجمع الكفاءات" في ريف حماة الشمالي، و"اتحاد ثوار حلب"، و"هيئة مهجري دمشق وريفها".
مأخذ آخر على "حكومة الإنقاذ"، يتعلق بعدم قدرتها على تغطية الرقعة الجغرافية التي تغطيها حكومة جواد أبو حطب "المؤقتة" التي تعتمد على الكفاءات في عموم المناطق السورية. ولأبو حطب نواب في كل المناطق السورية المحررة من أبناء تلك المناطق. في المقابل، حاولت "حكومة الإنقاذ" الالتفاف على "الحكومة المؤقتة" في إدلب باستقطابها شخصيات تتبع لها، كوزير التربية محمد جمال الشحود، الذي كان يشغل منصب معاون وزير التربية والتعليم في "المؤقتة" وقبلها مدير تربية إدلب، وكذلك وزير الصحة أحمد الجرك الذي يشغل منصب رئيس "المجلس العلمي للجراحة العامة" في "هيئة الاختصاصات" التابعة لـ"الحكومة السورية المؤقتة".
وزير الزراعة في "الانقاذ" فايز الخليف، تم تعيينه مديراً لـ"الزراعة" قبل 3 أشهر، ولم يختبر العمل الإداري رغم كفاءته العملية وحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة.
ومن أهم المشكلات التي يعاني منها الشمال السوري المحرر تعدد المرجعيات القضائية، باعتراف الشيخ نفسه، لكن تعيين وزير للعدل يحمل دكتوراه في الفقه لا في الحقوق هو مشكلة كبيرة. وبحسب ناشطين من أبناء مدينة حلب، فوزير العدل في "الانقاذ" الشيخ ابراهيم شاشو، المولود في حي الزبدية والمعروف بخلفيته الجهادية، كان قد تدرّج في الفصائل الإسلامية كشرعي في "أحرار الشام" ثم قاضياً شرعياً في "الهيئة الرباعية" التي كانت تضم "الأحرار" و"الصقور" و"النصرة" و"لواء التوحيد"، وعرف عنه محاربته لـ"القضاء الموحد" الذي يحمل الصفة المدنية. لكن شاشو، ومع الحصار الأول لمدينة حلب، ظهر إلى جانب الشرعيان عبدالله المحيسني وأبو اليقظان المصري، معلناً انشقاقه عن "أحرار الشام" وانضمامه لـ"جبهة فتح الشام" ليصبح القاضي العام لـ"جيش الفتح". ونظراً لخلفيته الجهادية كانت "النصرة" تستعين به لحل خصوماتها مع فصائل الجيش الحر قبل أن ينضم لها، ثم ليخرج من المدينة بين الحصارين برفقة عبدالله المحيسني وقيادات الصف الأول من "فتح الشام" إلى إدلب.
وفي الجانب الخدمي الأكثر تضرراً في الشمال السوري، أنشئت وزارة الإدارة المحلية والخدمات، التي ستكون مهمتها إعادة تنظيم الخدمات، والتعامل مع المنظمات الخدمية والإغاثية والمؤسسات الحكومية، بالإضافة لمنظمات المجتمع المدني العاملة مع المجالس المحلية. وبحسب الناشط جواد السراقبي، فإن تشتت عمل الوزارة سيكون له انعكاس سلبي على جودة الخدمات، وكذلك العمل مع المنظمات الخدمية التي حلت مكان المؤسسات. فهذه الوزارة ستهدم ما تم بناؤه خلال الأعوام الأخيرة، وستحوّل المجالس المحلية من مراكز صناعة قرار وسلطات محلية في البلدات والمدن إلى دوائر خدمية ليس أكثر، وهو ما سيكون شرارة حرب بين المنظمات التي تقدم الخدمات، والمجالس المحلية، وبين "حكومة الإنقاذ".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها