واصل تنظيم "الدولة الإسلامية" هجومه على مواقع المعارضة المسلحة في ريف حماة الشمالي الشرقي، لليوم الثالث على التوالي، وسيطر الأربعاء، على المزيد من القرى والبلدات التابعة لناحيتي الحمراء والسعن في ريف حماة، بعد معارك عنيفة مع "هيئة تحرير الشام" و"الحزب الإسلامي التركستاني" وفصائل تابعة للمعارضة.
عناصر التنظيم انقسموا إلى مجموعات هاجمت بشكل متزامن القرى والبلدات في المنطقة، مستخدمة الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، ما تسبب بمقتل وجرح عدد من مقاتلي المعارضة ما أجبرهم على الانسحاب شمالاً.
تنظيم "الدولة" استأنف هجومه بعد منتصف ليل الأربعاء/الخميس، وتمكن من عزل عدد من القرى بعدما تقدم بشكل عرضي من مواقعه في الشرق، انطلاقاً من قرية أبو الكسور في ناحية السعن نحو قرية الوبيض جنوبي قرية أبو هلال في ناحية الحمراء غرباً. القرى التي سيطر عليها التنظيم من دون قتال بعدما أوشك على حصارها هي أبو حريق وأبين وجب زريق وأبو خنادق وجديدة وأم خريزة وقبيبات. وبذلك أصبح التنظيم يسيطر على نحو 20 قرية وبلدة في ريف حماة الشمالي الشرقي، أهمها حجيلة وطلحان وعنيق وأبو الكسور والوسيطة وسروج.
(المصدر: LM)
واستفاد التنظيم من انشغال المعارضة في صدّ هجمات مليشيات النظام نحو قرية المستريحة شمالي السعن، والمعارك العنيفة التي شهدتها جبهات البليل والتلال المحيطة بها شمالي ناحية الحمراء، والضغط الجوي والبري الذي تعرضت له المعارضة، الأربعاء، كان عنيفاً جداً، وقصفت مليشيات النظام بالمدفعية والصواريخ مواقع المعارضة في ناحيتي السعن والحمراء. كما شهدت القرى والبلدات القريبة من خطوط الاشتباك بين التنظيم والمعارضة قصفاً جوياً متكرراً تجاوز 70 غارة جوية. في الوقت نفسه لم تشهد القرى والبلدات التي يسيطر عليها "داعش" قصفاً مشابهاً من قبل مليشيات النظام.
مصدر عسكري معارض أكد لـ"المدن" أن معظم عناصر "داعش" الذين هاجموا ريف حماة الشمالي الشرقي،
هم من "لواء الأقصى" الذي غادر المنطقة متوجهاً إلى مناطق سيطرة التنظيم أواخر شباط/فبراير، بعدما عقد اتفاقاً مع "هيئة تحرير الشام" على خلفية اقتتال استمر لأيام في ريفي حماة وادلب. وأسفر القتال بين الطرفين حينها عن مقتل العشرات من أسرى مقاتلي "حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش النصر" و"تحرير الشام" ممن كانوا في سجون "لواء الأقصى"، ومعظمهم من ريفي حماة الشمالي والشمالي الشرقي.
وأضاف المصدر: "يزيد عناصر لواء الأقصى عن 500 عنصر، بينهم أكثر من 100 عنصر من المهاجرين من جنسيات مختلفة، وكشفت هجماتهم الأخيرة مدى توحشهم، وكأنهم أتوا للثأر بعدما أخرجوا بالقوة من المنطقة في وقت سابق، ولدى هؤلاء أسلحة ثقيلة من بينها مدافع 57، وأسلحة رشاشة بالإضافة لذخائر متنوعة وكافية لخوض معركة طويلة الأمد".
ورجّح المصدر أن تكون مليشيات النظام قد زودت "لواء الأقصى" بأنواع مختلفة من الأسلحة، لأنه من المفترض أن تكون المعارك التي جرت بين عناصر التنظيم والمعارضة، مطلع تشرين الأول/أكتوبر،
في الرهجان ومحيطها قد استنزفتهم بشكل كبير، بعدما خسروا حينها أكثر من 150 عنصراً، وأسرت "تحرير الشام" ما يقارب 25 عنصراً منهم.
وحمّل المصدر العسكري "هيئة تحرير الشام" و"الحزب الإسلامي التركستاني" والشخصيات الجهادية مسؤولية ما يحدث في ريف حماة الشمالي الشرقي من انهيارات متتالية أمام التنظيم. وتقع المسؤولية على "تحرير الشام" و"التركستاني" وشخصيات جهادية سلفية، ممن سهّلوا عملية خروج المئات من عناصر "لواء الأقصى" المبايع لتنظيم "الدولة" نحو البادية السورية، التي كانت تحت سيطرة التنظيم في ذلك الوقت.
ولدى عناصر "لواء الأقصى" معرفة كبيرة بجغرافية المنطقة، وتجلى ذلك بوضوح في الهجمات الخاطفة التي شنوها ضد مواقع المعارضة خلال الساعات الـ72 الماضية، والتي أسفرت عن سيطرتهم على مساحات واسعة. ويطمح "اللواء" المبايع لـ"داعش" في أن يتمدد بشكل أكثر عمقاً في مناطق ريف حماة الشمالي الشرقي، إذ ينتمي قسم كبير من عناصره لأرياف ادلب وحماة وحلب الجنوبي.
وتمكن التنظيم من الحفاظ على جيب صغير في ريف حماة الشمالي الشرقي تحت سيطرته، ودافع عنه بقوة، وحصن نفسه في قرى حجيلة وعنيق باجرة وطوطح، بعدما تراجع عن 12 قرية لصالح المعارضة التي هاجمته مستعيدة مواقعها، منتصف تشرين الأول. ومنذ ذلك الوقت بقي التنظيم مراقباً للجبهات الملتهبة بين المعارضة ومليشيات النظام في جبهات ريف حماة الشمالي الشرقي وريف حلب الجنوبي، منتظراً الفرصة المناسبة لينقض على المعارضة.
الجبهات الشمالية المحاذية للجيب الذي يسيطر عليه "لواء الأقصى" شمالي السعن ظلت مستقرة نوعاً ما، ولم تشهد معارك جدية مع المعارضة، سوى اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر، بسبب
انشغال المعارضة بقتال مليشيات النظام في جبهات كانت تتسع يومياً في المناطق شرقي سكة الحجاز. كذلك
اتسمت جبهات التنظيم مع مليشيات النظام بالهدوء التام خلال المدة ذاتها، أي ما يقارب شهراً، ولم تتعرض خلالها مناطق سيطرة التنظيم لهجمات جوية أو مدفعية من قبل النظام.
وتمكن "داعش" في الفترة التي توقف فيها عن القتال من جذب عدد كبير من أنصاره في ريفي ادلب وحماة،
ممن انشقوا عنه أثناء القتال مع "تحرير الشام"، وانضم قسم منهم حينها إلى صفوف "الحزب الإسلامي التركستاني" وقسم آخر إلى "تحرير الشام". التحاق العشرات من مناصري التنظيم، بصفوفه، بعتادهم خلال الفترة الماضية عزز من قدراته، ودفعه ليهاجم من جديد مستغلاً تشتت قوى المعارضة المسلحة، بالإضافة لـ"تحرير الشام"، أمام هجمات مليشيات النظام شرقي سكة الحجاز في ريفي حلب وحماة.
وتخشى المعارضة أن يزداد التنظيم قوة خلال الفترة القادمة، وأن يجذب المزيد من أنصاره المتمركزين داخل مناطق سيطرة المعارضة، أو من ريف حماة الشرقي مروراً بمناطق سيطرة النظام. الأمر الذي يجعله يطمع بتحقيق مزيد من المكاسب على حساب المعارضة، ويدفعه للسيطرة على مناطق جديدة.
وتتخوف المعارضة من أن تستغل مليشيات النظام تقدم التنظيم لتكثف هجماتها في منطقة تبدو كصفيح ملتهب قد تضيع في أي لحظة لصالح أحد الطرفين المُهاجمين؛ النظام والتنظيم. لذلك استنجدت "تحرير الشام" بعناصر "الحزب الإسلامي التركستاني"، قبل أيام قليلة/ للمشاركة في معارك التصدي في ريف حماة الشمالي الشرقي على جبهتي النظام والتنظيم. كما دفع "جيش النصر" و"جيش إدلب الحر" و"الفرقة 23" و"جيش العزة" وغيرهم، بالمزيد من التعزيزات العسكرية نحو المنطقة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها