وتؤكد المصادر أنه في ظل تعدد الجبهات، فمن الصعب توجيه اتهام لطرف محدد حتى الآن، غير أن الامر المحسوم في هذه الحادثة أن الفاعل من داخل غزة، وأن القنبلة محلية بغض النظر عن مكان ومصدر التعليمات التي تلقاها. ولكن، هل الفاعل اراد توجيه رسائل من وراء ذلك أكثر من قصده اغتيال اللواء أبونعيم فعلاً؟
الخبير الأمني المتقاعد اللواء خضر عباس قال لـ"المدن"، إن محاولة الاغتيال تحمل رسالة اكثر من كونها عملية اغتيال فعلي للواء أبونعيم، مُبيناً أن اسلوب وطبيعة التفجير عادي ومعروف مسبقاً لدى الاجهزة الامنية، سواء كانت عبوة جانبية او تم تفجيرها عن بُعد.
وأضاف عباس أن الرسالة موجهة لكل من الأجهزة الأمنية التابعة لـ"حماس"، أو تلك القادمة من حكومة التوافق بعد اتفاق حركتي "فتح" و"حماس" على المضي قدماً في المصالحة والترتيب لتسلم السلطة الفلسطينية معابر غزة نهاية الشهر الحالي، ومفادها "أن هناك من هو فاعل ونشط في غزة، وأن المعادلة في القطاع ليست سهلة أو بسيطة".
ويعتقد اللواء عباس أنه لو كان المقصود اغتيال القيادي الأمني الحمساوي لكانت الطريقة أقوى من ذلك، مُرجحاً أن تكون العبوة التي تم تفجيرها قد وضعت بشكل آني أثناء صلاة الجمعة، مع العلم أن اللواء أبونعيم يقود سيارته بنفسه في أغلب الأوقات ولا يتخذ تدابير أمنية عالية، ويتعامل على أساس انه أسير محرر اكثر من كونه قائداً أمنياً، وفقاً لما يؤكده مصدر أمني في حماس لـ"المدن".
في المقابل، بدا هذا المصدر الأمني حذراً في الحكم المسبق حول ما إذا كانت عملية التفجير مجرد البعث برسائل أو تنفيذ اغتيال حتمي للواء أبونعيم، الذي تعاون بشكل كبير مع مصر لملاحقة المسلحين في سيناء، ومنع تسللهم من وإلى غزة، عبر إقامة شريط أمني عازل على طول الحدود بين القطاع ومصر.
ولوحظ في الساعات الأخيرة انتشار أمني مكثف في غزة، ومراقبة شديدة للبحر من قبل الأجهزة الامنية التابعة لـ"حماس". وعلق مصدر "المدن" على هذا الأمر بالقول، إن ذلك "ربما يؤشر على وجود خيوط معلومات لدى الامن، خاصة وأن العديد من العناصر السلفية تخضع للمراقبة في الآونة الأخيرة"، وأن ثمة "نجاحات على هذا الصعيد".
وعن احتمال أن يكون منفذو العملية على صلة بتنظيم "داعش"، أو جزءاً من خلاياها، قال المصدر إن كل شيء جائز، ولكن هناك تقاطعات مثلما حدث في قضية اغتيال مازن فقهاء، فهناك "علاقة لولبية" بين أشخاص مرتبطين بـ"داعش"، من دون أن تكون علاقة مباشرة بينهم في غزة، ثم اكتُشف لاحقاً أن الموساد أو الشاباك الإسرائيلي قد جندهم، وأصبحوا عملاء.
وتفرض أجهزة "حماس" الأمنية تعتيماً اعلامياً كبيراً حول عدد العناصر السلفية المعتقلين لديها وخاصة تلك المرتبطة بـ"داعش"، وتكتفي بالقول إن العملية الأمنية مستمرة، وأن هناك اشخاصاً في طور الملاحقة حتى اللحظة، وقد اختفوا عن الأنظار. وتشدد "حماس" على الإشارة إلى أن هؤلاء الأشخاص لديهم تنظيم مُقطّع الأوصال ولا يكون دعمهم وتمويلهم من المصدر ذاته، ثم يتم اكتشاف ارتباطهم بتنظيم جهادي خارج غزة، وبعضهم لديه ارتباطات بإسرائيل، ما يعني أن المعضلة تكمن في عدم وجود بنية تنظيمية حقيقية لمعتنقي الفكر الداعشي في القطاع، وهناك علاقات "لولبية" بينهم.
إسرائيلياً، تُصر الدوائر الأمنية على أن الانطباع الحاصل لديها تجاه محاولة الإغتيال الفاشلة للواء أبونعيم هو أن جهات فلسطينية هي من تقف وراءها، وقد تكون "داعشية"، على خلفية دور هذا الرجل في الملاحقة لعدد كبير من العناصر السلفية في الآونة الأخيرة.
وإدعت هذه الدوائر أنه ليس من مصلحة اسرائيل أن تفتح جبهة مع "حماس" في هذا الوقت، وخاصة عندما يتم الحديث عن شخصية أمنية تعاونت بشكل كبير مع مصر لمواجهة مسلحي سيناء، ولا تُشكل قلقاً بارزاً لتل ابيب، بل إنها شعرت بارتياح بسبب تعاونه القوي مع المصريين.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها