وعلى قول المثل الشعبي، للزغبي "قرص في كل عرس"، فجمعيته تقيم احتفالاً سنوياً لتكريم الاديب اللبناني الراحل جبران خليل جبران، وعند اندلاع أزمة الفيلم المسيء للمسلمين، كان الزغبي في صدارة الزعماء المسلمين المستائين، مع أن الزغبي مسيحي الديانة. وعند أزمات فلسطين، يتصدر الزغبي المشهد ممانعاً ويعلو صراخ عروبته. وقبل اسبوع من انتخاب باراك أوباما رئيساً في العام 2008، مهر توقيعه الى جانب تواقيع اللبنانيين - الاميركيين الاربعة في الكونغرس، في حينه، للتعبير باسم اللبنانيين الاميركيين، وهم اكبر جالية عربية في أميركا، عن تأييد أوباما.
زغبي، الذي يطلق على نفسه وصف "منظّم سياسي"، يتأرجح في هويته بين مسلم ومسيحي، وفي مواقفه بين عربي فلسطيني وأقلوي مسيحي. أما أظرف ما في الأمر، فيكمن في أن لغته العربية تكاد تكون معدومة، وقد يكون الأمر الوحيد الذي يمنحه بعض العروبة هو انه يعدّ نجله لقيادة اللجان والراوبط الأميركية التي سيخلّفها بعد رحيله.
وبغض النظر عن دوافع زغبي السياسية واجنداته، المتعددة والمتضاربة احياناً، التزم الناشط العربي-الأميركي بموقف سياسي وحيد لم يحد عنه منذ زمن: تأييده للرئيس السوري بشار الأسد.
في زمن "الانخراط مع الأسد"، الذي بدأ مع دعوة وزيرة خارجية الجمهوريين، كوندوليزا رايس، لمساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، للمشاركة في مؤتمر انابوليس للسلام صيف 2007، وتلاه وصول أوباما الى الحكم وارساله الديبلوماسي جيفري فيلتمان، وعضو الأمن القومي سابقاً (السفير في اسرائيل اليوم) دان شابيرو، الى دمشق للقاء الأسد في العام 2009، كان الزغبي في طليعة مؤيدي الانفتاح على الأسد، الى حد دفعه لتنظيم لقاء مع مسؤولي "مجلس الأمن القومي"، وهو أعلى هيئة في البيت الابيض، باسم اللبنانيين-الأميركيين (من اصدقاء الرئيس السابق اميل لحود والنائب السابق عصام فارس ومناصري الحزب السوري القومي) بهدف "فتح صفحة جديدة بين لبنان وسوريا"، والتنازل عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. لكن اللقاء لم يجر كما أراده الزغبي بعدما حشر أنصار 14 آذار أنفسهم في اللقاء، وانهارت الخطة.
وبعد اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، استدار معظم من كانوا يناصرون "الانخراط مع الأسد"، وفي طليعتهم وزير الخارجية جون كيري، صديق الأسد. لكن الزغبي ونفر من صحبه يستمرون في مناصرة الأسد بشراسة لا متناهية، فيعقدون اللقاءات المغلقة مع الاميركيين من كل المستويات لتحذيرهم من الخطر الذي يفترض انه محدق بالاقليات في حال رحيل الأسد عن الحكم.
ولأن الزغبي يدرك ان الدفاع عن الأسد علنا هو نوع من الانتحار السياسي امام الرأي العام الاميركي، فهو انكفأ عن تأييده بشكل مباشر، وهكذا نقرأ في مقالة له حول الأزمة السورية، في موقع "هفنغتون بوست" العام الماضي، أن الحل في سوريا يكمن في إلحاق الهزيمة بالارهاب، ثم "ايجاد صيغة حكم". أي إنه، بعد خمس سنوات على قمع الأسد الدموي للسوريين، وفي وقت تعد الأمم المتحدة ملفاتها لإدانة الأسد بتهم جرائم حرب في المستقبل، يلتزم الزغبي الصمت حول الأسد.
لا شك أن الزغبي يحب فلسطين، فهو غالباً ما يطل مناصراً للفلسطينيين أمام البطش الاسرائيلي. لكنه، بلا شك أيضاً، يكره سوريا، إذ إنه ما زال مؤيداً عنيداً للأسد على الرغم من ان ضحايا الأسد صاروا اضعافاً مضاعفة لضحايا اسرائيل.
نموذج يحب فلسطين ليكره سوريا ليس حكراً على الزغبي. فكثيرون في العالم العربي، ممن يعلنون أن طريق القدس تمرّ في إدلب، أو حلب.. يتبنون هذه السياسة، وفي طليعتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يرأس سلطة مفتتة ترزح تحت الحذاء العسكري الاسرائيلي، لكنه مع ذلك وجد فرصة ليهنئ الأسد بانتخابه رئيساً لولاية ثالثة.
من يحرك الزغبي هو من يحرك عبّاس، الفائز بجائزة جبران خليل جبران التي منحه اياها الزغبي صيف 2008.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها