الأربعاء 2013/10/09

آخر تحديث: 06:59 (بيروت)

دمشق...رهينة الحواجز

الأربعاء 2013/10/09
دمشق...رهينة الحواجز
الموظفون والطلاب الأكثر تضرراً (أرشيف - أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 
منذ تصاعد الأحداث الأمنية في دمشق، كان على اهالي المدينة الاعتياد على نمط حياة أشد قساوة تتحكم فيه اجراءات أمنية مشددة، حولت التنقل بين الشوارع إلى مهمة شاقة. مهمة تزداد صعوبة خلال أشهر العام الدراسي، اذ مع عودة الطلاب الى جامعاتهم ومعاهدهم، تشهد مدينة دمشق اختناقاً مرورياً بدءاً من الساعة 7 صباحاً الى نهاية الدوام الرسمي. 
 
لكن الازدحام تضاعف هذا العام، اذ أن استمرار المعارك بين مقاتلي المعارضة والقوات الموّالية للنظام أجبر الأخيرة على عزل مركز المدينة عن مناطق ريف دمشق الثائرة، من خلال نشر الحواجز العسكرية على جميع المداخل والمخارج المؤدية للعاصمة. كما فرضت القوات النظامية منطقة عازلة بعمق 8 كيلومترات. 
 
 هذه الحواجز عرقلت حركة السير وجعلت سكان العاصمة ينتظرون معظم وقتهم في الطرقات ينتظرون إشارة الحاجز العسكري للمرور، فيما أصبح الموظفون والطلاب الاكثر تضرّراً من هذه الإجراءات.
 
سلمى (26 سنة) طبيبة تعمل في فرع منظمة الصليب الاحمر الدولي بدمشق، وتسكن في مدينة جرمانا (على بعد 4  كيلومترات جنوب شرق دمشق)، يقع مقر وظيفتها في منطقة المالكي- أحد ارقى أحياء العاصمة،  تبدأ معاناتها اليومية مع حاجز جرمانا الذي يعيق حركة السير ويتسبب بازدحام مروري خانق مما يضاعف الوقت المطلوب كي تصل الى دوامها. 
 
عن مأساتها اليومية تقول: "الطرقات بالشام ما عادت تنطاق كل 100 متر في حاجز؛ ومعظم الوقت عجقة كتير، يعني فترة الصبح وبعد الظهر عم نوقف على الحاجز اكتر من ساعة وهادا كلو على حساب وقتي وعم تتعب أعصابي من الانتظار الطويل على الحواجز".
 
سلمى تضطر في الكثير من الاحيان إلى النزول من السرفيس لتقطع الحاجز مشياً على الاقدام ثم تعود لتستقل سيارة أجرة من جديد. وتضيف" السرفيس إجباري يمر على الحاجز وعم يتأخر كثير، وطابور السيارات بيصل لآخر جرمانا". 
 
أما وجد (22 سنة)، وهو  طالب سنة ثالثة في كلية هندسة العمارة، من سكان مدينة صحنايا (12 كيلومتراً جنوب دمشق) يخرج من المنزل مبكراً ليصل الى كليته. يومياً عليه المرور بـ 6 حواجز عسكرية و11 دبابة انتشروا على طول الطريق المؤدي لمركز الجامعة. 
يشرح وجد التغير الطارئ في حياته، قائلاً "من بيتي لجامعتي كنت بوصل بنصف ساعة. اليوم احتاج لساعتين ونصف عم قضيها بالسرفيس، وكثير أوقات بينقطع الطريق بسبب الاشتباكات بجنوب دمشق؛ بهل الحالة ما فيني ارجع للبيت فبضطر أنام عند رفقاتي".
 
ويعود تاريخ نشر أول حاجز عسكري الى 24-4-2011. يومها قررّت الأجهزة الأمنية قطع الطريق الرئيسي المؤدي الى مدينة دوما في ريف دمشق بعد الأحداث الدامية التي شهدتها ثالث منطقة شاركت في حركة الاحتجاجات الشعبية. وبعد ارتفاع وتيرة المواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية والتي راح ضحيتها  11 مدنياً, فرضت قوات الامن طوقاً عسكرياً لمنع دخول وخروج الاهالي، ليكون هذا الاجراء ايذاناً بانتشار تلك الحواجز في كل أرجاء سوريا تباعاً.
 
المعالم تغيرت
هذه الحواجز العسكرية المؤلفة غالباً من أكياس رمل او تراب، وعناصر يلبسون الزي العسكري بالهندام الميداني الكامل، والواح اسمنتية ضخمة وسيارات كبيرة وحواجز حديدة، غيرت معالم دمشق.
ساحة المحافظة –وسط البلد- تغيرت معالمها نتيجة السواتر الاسمنتيّة المرتفعة التي قسمتها الى مربعين، بعد ان انتشر فيها حاجز يفتش كل المارة، ومنع مرور السيارات القادمة من جسر الثورة المتجهة الى شارع بغداد، بحجة "التخوف من تفجير ارهابي" كونها مجمعا للوزارات الحكومية.
 
توفيق محاسب في شركة خاصة، يرى أن تلك الحواجز وضعت لتظهر قوة النظام في مدينة دمشق فقط. وبحسب رأيه، فإنّ النظام فقد سيطرتهُ على أكثر من 60 في المئة من ريف دمشق، "والحواجز تنتشر فقط في قلب العاصمة وهي شكّلية والهدف الأساسي منها استعراض للعضلات وعرقلة السير وإزعاج الناس".
 
ساحة الاموّيين لم تكن افضل حالاً، اذ انتشر فيها حاجزان. الأول وضع في مدخل الطريق المؤدي الى الجمارك، والثاني في بداية طريق منطقة المالكي. يتسبب الحاجزان بزحمة سير تصل ذروتها عند منتصف النهار ليتوقف السير لساعات. 
 
وليد، الذي يعمل سائق سرفيس عمومي على خط المزة أوتوستراد- العباسيين، لخص ما يحدث قائلاً "عند الساعة 12 ظهراً تبلش معاناتنا هيك للساعة 4 واوقات للساعة 5، ازدحام مو طبيعي في ساحة الامويين لدرجة اوقات نقف راكنين ساعة كاملة في محلنا دون ان تتحرك السيارة، وأغلب الناس صارت تركب السرفيس بعد غلاء سعر البنزين يلي صار حقه 100 ليرة".
 
أما ساحة السبع بحرات والتي كانت تتألق بتدفق مياهها وطريقها الدائري، فتحولت الى موقف للشاحنات الضخمة لمنع مرور السيارات ويسمح فقط لعبور السيارات الآتية من شارع الباكستاني المتجه الى شارع بغداد، والطريق القادم من المزرعة والميسات الى شارع العابد.
ولا يوجد اي احصائيات رسمية لأعداد الحواجز المنتشرة في العاصمة السورية، إلا أنّ نشطاء من المعارضة يقدرون عددها بأكثر من 300 حاجز عسكري وأمني عدا تلك التي أقامتها اللجان الشعبية بإيعاز من الأجهزة الأمنية لحماية «الشوارع الموالية من الارهابيين» حسب وصفهم. 
 
لكن تكاثر هذه الحواجز لا يعني بالضرورة فاعليتها. تروي سلمى حادثة حصلت معها، قائلةً "مرة كنت طالعة بتكسي شوفيره يشتغل بالأمن وسلاحه معه طبعاً. حاجز جرمانا منوقف عليه اكتر من ساعة بس منشان يفحصوا السيارات بجهاز كشف المتفجرات، مرّ التكسي والجهاز ما كشف شيء، نزل الشوفير وحكى معهم وقلهم انه بالأمن معه قطعة سلاح وانتو ما كشفتموها طيب ليش هالأزمة؟ واكتشفوا عناصر الحاجز انهم نسيانين يشغلوا الجهاز".
 
 
increase حجم الخط decrease