الثلاثاء 2024/04/30

آخر تحديث: 21:41 (بيروت)

عوني الكعكي نقيباً لمُلك مُفلس

الثلاثاء 2024/04/30
عوني الكعكي نقيباً لمُلك مُفلس
عوني الكعكي نقيب الصحافة منذ العام 2015
increase حجم الخط decrease
"عوني الكعكي نقيباً للصحافة". كان يمكن أن يمرّ الخبر مرور الكرام، لولا أن فوزه بالموقع، يتم للمرة الرابعة. ولاية رابعة للنقيب الكعكي، بالتزكية. لا انتخابات في النقابة، لأنه لا منافسين. ولا تنافس، لأن صياغة اللائحة تتم، عُرفاً، وفق تسوية سياسية و"توازنات" مذهبية تجيد النقابة حياكتها جيداً. 

ثمة من يقول في أوساط الصحافيين إنه "ليس هناك ما يستأهل المعركة". قد يكون هؤلاء على حق. فالنقابة، لا تمتلك ما تديره وتحكمه. في عصر أفول الصحافة الورقية، وغياب أي فرصة حقيقية للنهوض بالقطاع الاعلامي المطبوع، ليس هناك ما يستأهل معركة انتخابية. مصير القطاع بات معروفاً: لا منافسة مع قطاع رقمي متفلت من الضوابط والايقاعات، ومتمرد على الأنماط السابقة، وبديل بالمعنى الحرفي عن قراءات الورق. 

وفي الوقت نفسه، لا منافسة على إعلانات، ولا على ملكيات. لا فرق، سواء فُتح الباب لتراخيص جديدة، أم لا. أصلاً، خسرت الامتيازات الورقية (رخص المطبوعات السياسية) قيمتها المادية والمعنوية. تشبه الليرة اللبنانية، لجهة الخسائر الفادحة بالقيمة، وذلك نتيجة سوء تملك، وسوء إدارة. الملفان متشابهان في الخسائر والمصير، كل لأسبابه. 

"ليس هناك ما يستأهل المعركة". ليس استسلاماً في أوساط مالكي وسائل الاعلام والتراخيص السياسية، بل إحجاماً عن ركوب "حافلة معطلة". لا صلاحيات للنقابة، ولا مهام ولا تأثير. في الصلاحيات، "تملك ولا تحكم". كل ملكيات التراخيص باتت شيكات بلا أرصدة. يحتفظ حاملو وثائقها بحضورهم الى مبنى النقابة، كل ثلاث سنوات، لمواساة بعضهم البعض، أو في مرات متقطعة لاحتساء القهوة، وللتنسيق مع نقابة المحررين حول تنسيب أعضاء جدد، وللتنازل ونقل الملكيات، في حال وُجد انتحاري يرغب في مغامرة إعلامية جديدة. 

ولا مهام للنقابة، سوى زيارات شكلية الى المسؤولين: المقرات الرئاسية بشكل دوري لنقل مواقف المسؤولين السياسيين، والمقرات الأمنية والعسكرية، للقاء قادتها. ويخرج موقف للمسؤول، تنشره الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، وتقول فيه إنه أدلى به خلال استقبال مجلس النقابة. 

أما تأثير النقابة، فلا يُقرأ. في الشق السياسي، أثبتت التجربة أن الإعلام يتوّهم التأثير في ما يتخطى إمكاناته. وفي الإعلام، لا دراسات ولا بحوث ولا مبادرات لتطوير القطاع، ولا تواصل مع جهات إعلامية دولية للمساعدة. كان يمكن للتأثير أن يكون حاضراً حين كانت في الدولة مؤسسات توزع مغانم الإعلانات على الصحف الصادرة، لكنها حتى في ذلك الوقت، كانت تفتقد الى المبادرة والمساواة. 

"ليس هناك ما يستأهل المعركة". لأن النتيجة محسومة سلفاً. تفشل الجمعية العمومية في الالتئام، ثم تلتئم، فتنتخب مجلساً، ينتخب بدوره نقيباً ونائب نقيب، وأميناً للسر وأميناً للمال. تتكرر الأسماء في المواقع الأربعة الأولى، ولا تقفز فوق العرف القائم: مسيحيان ومُسلمان.. تشبه تلك الصيغة، أعراف تشكيل الحكومات اللبنانية المتعاقبة بتوازناتها المذهبية. 

"ليس هناك ما يستأهل المعركة". لأن القوى السياسية المسيحية اعترفت بالأمر الواقع. نقيب الصحافة بالعُرف للمسملين، ونقيب المحررين، بالعُرف أيضاً، للمسيحيين. لا مغامرة في مواجهة أكثرية ومسلّمات. ولا معركة لنتيجة محسوبة سلفاً. حتى في الموقف، ثمة غالبية في المجلس، أنتجتها التسويات على مدى 9 سنوات على الأقل، تعبّر عن رأي السلطة وممثليها. ومَن عارض الموقف في السابق، فشل، فاختار الاستقالة في العام 2022 على خلفية موقف النقيب الكعكي من قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. 

يتكرر المشهد، كل 3 سنوات، وتتبدل بعض الوجوه فقط. ثمة "ستاتيكو" قائم. استقرار في الموقف واستسلام لنتائجه. لا شيء يستأهل المعركة الانتخابية. فالنقابة والمنتسبون إليها، يملكون ولا يحكمون.. أما النقيب، الذي قد يُنتخب مدى الحياة، فيحكم مُلكاً مفلساً، يحتاج الى عجيبة للنهوض من واقعه. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها