ما زال الغموض يلف بنود إتفاق بصرى الشام الموقع بين قوات المعارضة والنظام، برعاية روسية، مطلع تموز/يوليو، خاصة لجهة عدم صدور أي تصريح رسمي من الوفد المعارض. وترك ذلك الباب مفتوحاً لأسئلة أبرزها ما هو مصير 30 ألف منشق عن قوات النظام، والمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية؟
بحسب ما تسرب عن اﻹتفاق، فإن مهلة 6 أشهر أعطيت للمقاتلين والمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية وكذلك للمنشقين لـ"تسوية أوضاعهم"، ليلتحقوا من بعدها بـ"الفيلق الخامس/إقتحام" الذي تشرف عليه روسيا، أو الخدمة ضمن صفوف قوات النظام. لكن التجاوزات التي حدثت خلال اﻷيام الماضية زادت من شكوك اﻷهالي والمطلوبين لـ"خدمة العلم"، خاصة أن قوات من النظام بدأت بجمع السلاح الخفيف، ما يُخالفُ المُسرّب من بنود اﻹتفاق.
وكان قائد "قوات الغيث" التابعة لـ"الفرقة الرابعة" غياث دلة، قد قدّم عرضاً لبعض القرى والبلدات في ريف درعا الشرقي، لضمّ 10 مقاتلين على اﻷقل من أبناء كل بلدة لفرقته، مقابل منحهم بطاقات أمنية تسهل تنقلهم في مناطق سيطرة النظام، بهدف ضبط الأمن في المنطقة، وتشكيل قوات رديفة تشارك "قوات الغيث" في عملياتها العسكرية.
توقيع فصائل المعارضة العديد من اﻹتفاقات، بشكل منفرد، زاد من الشكوك حول مصير الجنوب السوري. إذ يشمل اتفاق بصرى الشام ريف درعا الشرقي بإشراف قائد "قوات شباب السنة" أحمد العودة، القائم على تنفيذ بنوده غير المُعلنة. في مدينة درعا، كانت بنود اﻹتفاق مشابهة ﻹتفاق بصرى الشام، ويشرف على تنفيذها العقيد محمد الدهني وأدهم اﻷكراد. قرى وبلدات طفس والمزيريب واليادودة وتل شهاب وزيزون في القطاع اﻷوسط، عقدت اتفاقاً بضمانة روسية، يشرف على تنفيذه القيادي في "جيش الثورة" سابقاً أبو إياد القايد.
الاتفاق في منطقة الجيدور، تم في مقر "الفرقة التاسعة"، من دون حضور أي ممثل عن الجانب الروسي، وسط غياب أي تعهد روسي بحماية بنوده. الاتفاق تم بإشراف الناطق باسم "جيش الثورة" سابقاً أبو بكر الحسن، وقائد "فرقة المغاوير الخاصة" محمد علوش.
تعددت اﻹتفاقات واختلفت بنودها، بحسب المنطقة والمفاوضين، باﻹضافة لتوقيع إتفاقات منفردة لبعض القرى نتيجة ارتباط قيادات فيها بالنظام منذ سنوات. عدم معرفة الأهالي ببنود تلك اﻹتفاقات، دفعت 100 شاب من أبناء بلدات تل شهاب وخراب الشحم للإلتحاق بقوات النظام، ومن المتوقع أن يتم البدء بتوزيع هؤلاء الشباب على حواجز عسكرية، سيتم نشرها من ضاحية درعا إلى مساكن جلين، مروراً ببلدة اليادودة.
وحولت تلك الإتفاقات درعا إلى ما يشبه السوق المفتوح، تحاول فيه فرق النظام العسكرية تحقيق انتصارات بضم الشباب إلى صفوفها، بالإضافة إلى إنتصاراتها الزائفة. وكان البند المشترك في كل تلك الإتفاقات هو عدم دخول قوات النظام القرى والبلدات التي تقبل بـ"المصالحة"، وهو عكس ما جرى تماماً، إذ حوّلت مليشيات النظام جميع تلك المناطق إلى نقاط انطلاق لها. ما يعني أن النظام لم ولن يلتزم باﻹتفاقات.
ولعل التلميح الى ضرورة سحب سلاح المعارضة الخفيف، بعد اﻹنتهاء من تسليم اﻷسلحة الثقيل، يعني أن اﻹتفاق بلا ضمانات، فمن ربح المعركة سيحدد مصير الخاسر فيها. ومصير عناصر أفراد المعارضة سيكون في أحسن اﻷحوال التجنيد اﻹجباري وزجهم في جبهات القتال إلى جانب قوات النظام، أو اﻹنضمام إلى "قوات النمر" المدعومة روسياً.
ويتوقع بعض الناشطين أن يكون بقاء قائد "قوات شباب السنة" أحمد العودة، داخل سوريا لفترة محدودة، إلى أن يتم اﻹنتهاء من تسليم اﻷسلحة لقوات النظام، ومن المتوقع بعدها أن يغادر إلى دولة الامارات العربية التي رعت الإتفاق وأشرفت على تمويله. وحتى "الفيلق الخامس"، الذي قيل إن العودة، ومن يرغب من أبناء الجنوب سيكونون جزءاً منه، هو مجرد كذبة ﻹقناع الحاضنة الشعبية بقبول الشروط الروسية واﻹنصياع لتنفيذها.