الإثنين 2021/04/19

آخر تحديث: 15:02 (بيروت)

عون- عويدات: العراضات في الشارع تطيح بالقضاء

الإثنين 2021/04/19
عون- عويدات: العراضات في الشارع تطيح بالقضاء
في الشارع لا حلول بل اشتباك سياسي وطائفي وجماهير غاضبة مسلّحة بالعصيّ (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
جرّ التيار الوطني الحرّ قضية القاضية غادة عون ومدعي عام التمييز غسان عويدات إلى حيث يريد. مهّد كل شيء، وقام بما يلزم في السياسة والإعلام والمواقف، لجعلها قضيةً "تحلّ" في الشارع. وفي الشارع لا حلول، بل اشتباك سياسي وطائفي وانقسام وتجمّعات "جماهير" غاضبة مسلّحة بالعصيّ. وهذا ما حصل تماماً اليوم أمام قصر العدل في بيروت، حيث بدّل كل من جمهوري التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل اسميهما. خلعا اللونين البرتقالي والأزرق، وانتحلا صفة "أنصار القاضية عون" و"أنصار القاضي عويدات". تماماً كما هي الحال دائماً في العلاقة بين الطرفين، في مصالحاتهما وفي انقساماتهما. أنصار محاسبة رياض سلامة وأنصار دعم رياض سلامة. أنصار سدّ بسري وأنصار المحافظة على البيئة. أنصار تشكيل الحكومة وأنصار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة. أنصار المادة 53 وأنصار المادة 64 من الدستور.. 

5 جرحى
تمترس جمهور عويدات أمام قصر العدل بينما تجمّع جمهور عون عند مستديرة العدلية. وفي المسافة الفاصلة بين التجمّعين، أقل من 150 متراً، انتشرت وحدات من الجيش وعناصر مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي منعاً لأي اختراق وتوتّر. إلا أنّ التوتّر حصل من دون احتكاك مباشر. وخلاصة الساعات الأولى للجوء إلى الشارع، سقوط 5 جرحى أحدهم من عناصر الجيش اللبناني. ثلاثة من "أنصار القاضي عويدات"، واحد منهم سقط بعد اعتداء على عنصر الجيش، واثنان بفعل اشتباكات بين الأنصار أنفسهم. إضافة إلى جريح آخر تم الاعتداء عليه في أحد المداخل الفرعية المواجهة لقصر العدل، كان يقوم بتصوير التجمّع. وقيل إنه من "أنصار القاضية عون"، فتم ضربه على رأسه بالعصي.

لعبة الشارع
مجدداً، تلجأ تيارات من السلطة إلى لعبة الشارع. خطاب طائفي من هنا، وآخر مذهبي من هناك. وخلاصة المشهد، وفق ما قيل ورُوّج له بأجندات هذه التيارات الطائفية، أنّ قاضياً سنياً يحاول عزل قاضية مسيحية. أنّ قاضية مسيحية تنتفض على قاضٍ سنّي، ولا تمتثل لقرارات رئيسها. وفي ذلك انكشاف تام للعبة الشارع، ووضوح الخطوط الحمراء الطائفية التي يتمّ رسمها مع كل "عركة" سياسية. والخطوط هذه تتّسع بعد أن كانت محصورة بالمنصب الماروني الأول في رئاسة الجمهورية، والمنصب السنّي الأول في رئاسة الحكومة، ليتمّ حلّ الموضوع في وقت لاحق بإرساء معادلة جديدة تُجمع فيها التيارات المتصارعة على حدود لـ"اللعب السياسي" في الشارع وخارجه.

عون والمجلس الأعلى
مهّد مشهد الشارعين اليوم لحلّ مطلوب ومعادلة جديدة، قد يبدأ العمل عليها يوم غد، من خلال استماع مجلس القضاء الأعلى إلى القاضية غادة عون. اجتمع مجلس القضاء الأعلى صباح اليوم، ولا يزال قائماً بعد أربعة ساعات على انطلاقه. في حين استكمل القاضي عويدات قراره بكفّ يد القاضية عون عن الجرائم المالية، والطلب من النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إجراء التعقبات بشأن وجود شبهة حول مخالفة شركة مكتّف لشحن الأموال. ولم يتّضح بعد ما إذا كانت الأخيرة ستحضر اللقاء الذي دُعيت إليه. إذ سبق أن تهرّبت أربع مرّات على الأقل من مساءلة المجلس لها. لم تحضر من دون عذر في المرة الأولى، ثم بحجة زيارة طبيب أسنان مرة ثانية، بعدها بذريعة أنها تلقت لقاح كورونا وتشعر بالتعب. وأخيراً، بحجة أنّ المساءلة تتمّ في ملف لا يزال التحقيق فيه جارياً. وعدم حضور القضاية عون لاجتماع يوم غد، استكمال لأسلوب قد يبدو أنه بات سلوكاً عونياً عاماً في عدم الاكتراث لأي مرجعية. فسلوك "سكّر خطّك"، بما فيه من ابتزاز وحضّ على فرض المعادلات، استخدم في الأمن والسياسة والاقتصاد، وعلى ما يبدو يتم استخدامه اليوم في القضاء.

خلاصة المشهد، أنّ القاضية عون المتّهمة بالكيدية السياسي،ة ولو أنها تفتح ملفات فساد من الواجب الغوص فيها، نفّذت عراضة من يومين استوجبت عراضة مقابلة. فبات الموضوع قضية غادة عون وعويدات، ومن خلفه صراع التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، وفي مستوى أعلى صراع طائفي بين المسيحيين والسنّة. أما ملفات الفساد فباتت ثانوية. وفي كل هذا المشهد، كفّة القضاء مترنّحة. فالعراضات لا تدفن إلا قضايا الفساد وتطيح بالقضاء.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها