الأحد 2021/04/18

آخر تحديث: 20:45 (بيروت)

"نادي القضاة" ومشهد غادة عون: اللصوص يقهقهون

الأحد 2021/04/18
"نادي القضاة" ومشهد غادة عون: اللصوص يقهقهون
نادي القضاة: "وضعية سوريالية سببها ارتهان بعض القضاة" (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease

من دون أن يسميّها، سجّل "نادي القضاة" موقفه حيال الخطوات التي قامت بها النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضية غادة عون، أمام شركة مكتّف للصيرفة في عوكر، يومي الجمعة والسبت، كرد على قرار النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، تعديل جدول توزيع الأعمال لدى النيابة العامة في جبل لبنان، وسحب الملفات منها.  

الحبر والدم
وتحت عنوان "وضعية سوريالية سببها ارتهان بعض القضاة"، أصدر نادي القضاة بيانه، وحمّله رسائل ومفردات بدت مبهمة، قائلًا "حبذا لو مرّ بعض الوقت كي ينشف حبرُ كتابِ حاكم مصرف لبنان المطالب بإسكات الضجّة القضائية، وعنى بها الملاحقات والقرارات القضائية التي تجرأ عليها ثلة من القضاة المدنيين والجزائيين".  

وأبدى النادي حرصًا على تكريس موقفه الداعم لحقوق المودعين المهدورة، إذ "نشفت دماء المودعين منذ أشهر عديدة، ولم نرَ أيّ حث على الملاحقة بحق المذنبين، ممن احتل صدارة المراكز، كواجب يشكل أصل ما اوجبه القانون عليهم، وعلة توليتهم مواقعهم، التي لا تأتي تشريفاً لشخوصهم، أو انتفاعاً لذواتهم".  

ثلاثون من الفضة
وهنا، يشرح مرجع قضائي لـ"المدن" الرسائل التي أراد نادي القضاة توجيهها، فجاءت مزدوجة بمسارين، تجاه القاضيين عويدات وعون. ويذكر المرجع أنه سبق أن اتخذ عدد من القضاة المنفردين قرارات تتعلق بقضايا المودعين بالمصارف، لكن أحدًا لم يتحرك، وفي طليعتهم صاحب الصلاحيات الأوسع، أي مدعي عام التمييز وهو رأس النيابات.  

وفي تصويب غير مباشر على القاضية عون، تمنى نادي القضاة، "لو يصدر القرار بتوقيف عن عمل كل قاض باع بثلاثين من الفضة كرامة السلطة التي ينتمي إليها بولاءاته السياسية الفاضحة، التي تثير الشك في كل عمل يقوم به هذا القاضي، أو بارتهانه للسلاطين وحيتان المال، مما يحول دون ممارسة سلطته على القوي قبل الضعيف، وعلى سارق الوطن قبل سارق الرغيف".  

بطلان الإجراءات
وهنا، يوضح المرجع القضائي أن ما قامت به عون، ليس مريباً فقط، وإنما تجاوزت به صلاحيتها واختصاصها. إذ إن الجرائم التي تلاحق بها، لا تدخل ضمن اختصاص النيابة العامة الاستئنافية، وإنما ضمن اختصاص النيابة العامة المالية. وإذا ادعت النيابة العامة بجرائم غير اختصاصها، سيؤدي الأمر إلى بطلان اجراءاتها.  

ويضيف المرجع: "ثمة علامات استفهام كثير على آلية الملاحقة وشكلها التي قامت بها عون، ونشكك أن تكون خدمة للقانون وحقوق المودعين، بل لأجندات سياسية مكشوفة للرأي العام".  

في المقابل، ركز نادي القضاة على من اعتبرهم مرتهنين سياسياً، أو يستغلون القضاء لتصفية حساباتهم. ورأى أن ما يحصل منذ سنوات وحتى اليوم، "يثبت أن بعض من هم في سدّة المسؤولية عن السلطة القضائية أو في مراكز متقدمة في النيابات العامة ليسوا جديرين بها، إما لضعفهم أو لتبعيتهم أو لتخاذلهم أو لاستنسابيتهم في فتح الملفات أو اغلاقها".  

مسرحيات هزلية  
وجاء في البيان أيضًا: "اختلفت أدوات الارتهان وطرقه وكيفية استثماره، إنما النتيجة واحدة، فقدان الثقة بالقضاء. وبالتالي، لا خلاص إلا بإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية يجاز فيه للقضاة انتخاب كامل أعضاء مجلس القضاء الأعلى، لا سيما الأعضاء الحكميين وحصر التشكيلات القضائية به. وإلا سيبقى القضاء اللبناني يشاهد مسرحيات هزلية، قوامها التراخي في المحاسبة، وغض النظر عن الارتهان للباطل، ضحاياها دولة القانون والمواطن الصادق والقاضي الشريف، وسنبقى نسمع خلف الستار قهقهة لصوص هذا الزمن الرديء".    

وفي السياق، يشير المرجع القضائي لـ"المدن" أن الدرك الذي وصلت إليه العدالة في لبنان، يعود لأسباب كثيرة، وأهمها عرقلة إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية. ومن جملة المشاكل التي يذكرها، أن مجلس القضاء الأعلى تعينه السلطة السياسية ولا يصدر تشكيلات، ولا يوجد موازنة للعدلية، ولا بنية تحتية بقصور العدل، ولا مقومات للقاضي كي يقوم بدوره. حتى أن الحبر وأوراق الهامش تشح من قصور العدل!   

وعليه، يعتبر المرجع أن خطورة المشهد الذي قامت به القاضية عون، في ظل تداعي مؤسسات الدولة والانحلال الذي يعيشه لبنان، يكمن بخرقها قواعد المناقبية القضائية، فيما على القاضي "أن يحرص على الأصول المرعية، وعلى صورته أمام الرأي العام، حين يكون مكلفاً بمهماته. وبالتالي، أي قاضي يخرق هذه القواعد وغيرها، يمس بهيبة القضاء أكثر مما هو مساء إليها". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها