الثلاثاء 2021/03/02

آخر تحديث: 20:03 (بيروت)

وحدهم أبناء البيئة الشيعية استطاعوا إغلاق ساحة شتورا

الثلاثاء 2021/03/02
وحدهم أبناء البيئة الشيعية استطاعوا إغلاق ساحة شتورا
المعترضون هذه المرة هم الذين كانوا يخوّنون كل من يعترض! (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

لأول مرة منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، وتوالي الارتفاعات بسعر صرف الدولار ليصل إلى سقف العشرة آلاف ليرة في هذا اليوم، نجح بضعة شبان، عرفوا عن أنفسهم بأنهم "لبنانيون من مختلف الطوائف والانتماءات السياسية"، بإقفال محلات الصيرفة في ساحة شتورا.

محلات الصرافة
الشبان الذين كانوا قد بدأوا حركتهم الاحتجاجية بإشعال الإطارات عند مفرق بلدة جلالا، في واحدة من تحركات نادرة نفذت بهذه النقطة البعيدة بمسافة قصيرة عن ساحتي تعلبايا وسعدنايل، حيث لولب التحركات الاحتجاجية الشعبية في البقاع منذ أكثر من عام، سرعان ما نقلوا إحتجاجاتهم إلى ساحة شتورا، حيث معظم محلات الصيرفة التي يجاهر أصحابها بانتمائهم الطائفي والسياسي للثنائية الشيعية، لينفجر الغضب بوجههم من داخل هذه البيئة الشيعية تحديداً، بعد أن بقيت محلات الصيرفة في هذه الساحة عصية سابقاً على كل المحاولات التي جرت منذ انطلاقة ثورة 17 تشرين لتعطيل حركتها.

تشكل ساحة شتورا -عملياً- رمزاً للتداولات غير الرسمية بالعملات الأجنبية. وقد نشطت حركتها مع انفلات سعر صرف الدولار تحديداً، لتبرز كـ"وكر" للتلاعب بسعره، فلم يعيقها في ذلك لا إجراءات أمنية ولا وقائية، وإنما سهل التواطؤ معها، حتى على المستوى الرسمي، تلاعبها بالدولار وسعره في السوق السوداء. فلم تتوقف حركتها حتى مع جائحة كورونا وإجراءات التعبئة العامة والحجر التي اتخذت خلال الأسابيع الماضية، وصولاً إلى تخطي الدولار سقف العشرة آلاف ليرة مع بداية التخفيف من إجراءات هذه التعبئة. 

التخوين سابقاً
المعتصمون شددوا في المقابل أنهم ليسوا مطيفين ولا مسيسين، وإنما هم لم يعودوا يقوون على العيش بظل الغلاء الفاحش. إلا أنهم مع ذلك لم ينجحوا بإقناع من يتشاركون معهم الوجع نفسه، ببراءة تحركهم من الخلفيات غير المعلنة، خصوصاً أن المعترضين هذه المرة هم من الفئة نفسها التي كانت تنتقد كل التحركات الشعبية المطلبية السابقة، ووجهت إليها شتى اتهامات التخوين والتآمر، فيما كان هؤلاء يبررون تخاذل هذه الفئة نفسها في دعمهم، بتقاضيها الدولار "السياسي"، والذي بتهافتها على صرفه مطلع كل شهر كانت تسهم بخفض سعره وهمياً.

إلا أن التحرك مع ذلك نجح بإقفال تجمع سوق الصرافين في شتورا، وسط انتشار أمني محدود، قياساً بحجم القوة العسكرية التي كانت ترافق كل محاولات التوجه إلى الساحة في الاحتجاجات السابقة. وقد وعد المحتجون بأن يبقوا في الساحة ولا يسمحوا بإعادة فتح محلات الصيرفة، حتى يتوقف التلاعب بقيمة الليرة اللبنانية. الأمر الذي ستظهر مدى جديته بالأيام المقبلة.

طوابير البنزين والمازوت
علماً أن التحرك جاء أيضاً مقروناً بطوابير السيارات التي أخذت بالتجمع أمام محطات الوقود للتزود بمادتي البنزين والمازوت، بعد أن شحت كمياتهما في منطقة البقاع خلال اليومين الماضيين. وهو إذا ما أثبت جديته، يمكنه أن يجذب حتى الفئات "المتوجسة من خلفياته السياسية". فالوجع الذي يتحدث عنه المحتجون هو "حقيقة"، وخصوصاً لجهة إنفاق الناس لكل مدخراتهم، بعدما "تلذذوا" بسعر الدولار وتفوق سعره الأسود، ليكتشفوا بعد صرفه أنهم عملياً فقدوا دولاراتهم ومعها قدرتهم على تأمين استمرارية العيش.

وقد شرح بعض من شارك في تحرك اليوم، تداعيات تدني أجورهم كمياومين يتقاضون 25 ألف ليرة، باتت توازي حالياً الدولارين ونصف، فيما أسعار كل المواد الغذائية إلى ارتفاع يومي، وهو حال الكثير من أبناء البقاع الذين باتوا يعيشون على حافة الانهيار، وفقدوا معظم مقومات الصمود، مما ينذر بانفجار اجتماعي فعلي، يخشى أن يتفاقم في الأيام المقبلة، بعيداً عن كل محاولات الاستثمار السياسي في التحركات الشعبية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها