الإثنين 2020/06/01

آخر تحديث: 17:10 (بيروت)

مجموعات تشرين المتشرذمة إلى الشارع: الانتخابات أم إسقاط النظام؟

الإثنين 2020/06/01
مجموعات تشرين المتشرذمة إلى الشارع: الانتخابات أم إسقاط النظام؟
الشارع يجمع كل المجموعات المتناقضة سياسياً (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
رغم أن الدعوة لتحرك يوم السبت المقبل في 6 حزيران، جاءت تحت شعار الضغط لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، فإن المجموعات الناشطة في 17 تشرين تجري حوارات مكثفة لحسم المشاركة من عدمها.

وتجري بالتوازي نقاشات لبلورة تحالفات سياسية متجانسة، تتفق على رؤى سياسية للمرحلة المقبلة. فالتنسيق الذي كان قائماً بين المجموعات في حراك الشارع وتنظيم التحركات، لم يعد كافياً.

مبادرة الكتائب و"سبعة"
بادر إلى الإعلان عن تحرك السبت المقبل، كل من حزب الكتائب اللبنانية وحزب سبعة، وانضمت إليهما مجموعة خط أحمر التي تجمع متمولين ورجال أعمال، وحتى المجموعات التي تدور في فلك بهاء الحريري والنائبة بولا يعقوبيان وشامل روكز، وفق ما أكدت معظم المجموعات لـ"المدن". لكن هذه المجموعات ترى أن الدعوة لانتخابات مبكرة في ظل الظروف السياسية السائدة، رهان في غير مكانه لإعادة تشكيل السلطة. إذ يجب الاتفاق على برنامج سياسي للمرحلة المقبلة قبل الدعوة للانتخابات. وهناك صعوبة في انضواء المجموعات كلها في إطار سياسي، خصوصاً في ظل تباعد وجهات النظر حول مستقبل لبنان، وطبيعة نظامه السياسي والاقتصادي.

إسقاط المنظومة أم النظام؟
صحيح أن المجموعات تتفق على إسقاط المنظومة الحاكمة وأحزابها، لكنها لا تتفق على إسقاط النظام، ولا على طبيعة النظام الاقتصادي في لبنان، في ظل وجود مجموعات جذرية تذهب في طرحها إلى حد تأميم المصارف، والقضاء على النظام الليبرالي الحر.

تعتقد المجموعات المتحمسة للانتخابات بأن الضغط في هذا الإطار، وإلزام المجلس النيابي على تقصير مدة ولايته، يمكّنان قوى الثورة من حصد عدد كبير من المقاعد في المجلس النيابي، ما يمكِّنها من خوض معركة دستورية لخلخلة المنظومة الحاكمة من ناحية، والحفاظ على أسس التغيير السلمي والدستوري في البلاد.

لكن في المقابل، ورغم إجماع معظم المجموعات الرافضة للانتخابات المبكرة على ضرورة تغيير السلطة من خلال الأطر الدستورية، فأن إجراء الانتخابات في ظل عدم التوافق على الرؤى السياسية بين قوى 17 تشرين، يعيد للمنظومة الحاكمة وللنظام اللبناني المتساقط، شرعية دستورية من خلال الانتخابات. وترى أن الرهان على تغيير كبير في المجلس النيابي مستحيل في ظل الانقسامات السياسية بين المجموعات. إضافة إلى صعوبة تشكيل لوائح منسجمة في لبنان، قادرة على تحدي قوى السلطة.

لذا، يصر معارضو الانتخابات المبكرة، على الاستمرار في الضغط في الشارع، إلى حين بلورة خريطة طريق للمرحلة المقبلة، تتفق عليها مجموعات كبيرة وفاعلة. فالنظام اللبناني في أضعف مراحله، وإمكان تجديد نفسه بتسويات بين القوى السياسية بات شبه مستحيل. وترى هذه المجموعات أن الاستمرار في الضغط في الشارع يسرع من انهيار النظام.

حسابات مسيحية
لم تحسم المجموعات مشاركتها في التحرك يوم السبت المقبل. لكن ثمة نقاش كبير حول المشاركة، لعدم إبقاء الساحة خالية لبعض القوى السياسية التي ترى في الانتخابات حبل خلاص لبنان. فالقوى هذه - تقول المجموعات - تستند إلى مجموعة من رجال الأعمال وأصحاب الأموال، مؤثرة إعلامياً واقتصاديا، وتتلاقى مع بعض القوى السياسية الحاكمة والراغبة في إجراء انتخابات مبكرة، في الساحة المسيحية. وهي تستند في رؤيتها على ضعف التيار العوني، وبعض القوى التقليدية، وبالتالي تجد أن  في إمكانها الاستقطاب مسيحياً، في حال جرت الانتخابات.

مشكلة بعض المجموعات مع هذا الطرح أنه ينبع من همّ مسيحي، ومن حسابات سياسية ضيقة متعلقة بالاستقطاب في الشارع المسيحي. ولا يلتفت (الطرح)، أو يصرف القيمون عليه النظر، عن طبيعة الاستقطاب في الطائفة الشيعية، التي لم تستطع المجموعات اختراقها إلا في ما ندر.

استعصاء شيعي وتفكك سني
فحزب الله تمكن من الحفاظ على تماسك البيئة الشيعية معه وعلى سلاحه. ويكفي إعادة طرح موضوع نزع سلاح الحزب، كي تشد البيئة الشيعية عصبها. ويكفي أن توقظ داخلها الغبن الشيعي و"إعادة الشيعة ليصبحوا عمالاً في البور" من جديد، كي يلتفوا أكثر حول حزب الله وسلاحه، للحفاظ على المكتسبات التي أمنها لهم الحزب المسلح.

وترى المجموعات أن حسابات الداعين للانتخابات تجعلهم غير عابئين بما يحصل على الساحة السنية المتضعضعة، وإمكان استقطاب بهاء الحريري فيها أكثر من المجموعات، وخصوصاً في الأطراف وفي منطقتي البقاع والشمال.

إسقاط حكومة المستشارين
قد يرسو خيار المجموعات على المشاركة يوم السبت. وهذا بات مرجحاً، وفق ما أكدت معظم المجموعات التي تواصلت معها "المدن". فهناك رغبة عارمة لدى المواطنين للعودة إلى الشارع في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي الحاليين. لذا ستكون المشاركة تحت عناوين مختلفة لعدم حصرها بالانتخابات المبكرة. وسيتم التركيز على أولوية إسقاط المنظومة الحاكمة وحكومة المستشارين الحالية. والمطالبة بحكومة من المستقلين الحقيقيين لإدارة المرحلة الحالية، وصولاً إلى الانتخابات النيابية، لا العكس، أي تبدية الانتخابات على إسقاط الحكومة.

تقديم الهمّ الاقتصادي
تتوجس المجموعات من طبيعة الدعوة لتحرك السبت وعنوانها العريض.
لذا بدأت بنقاش موسع لتكثيف الدعوات للمشاركة لإعادة زخم "الانتفاضة إلى الشارع من جديد وتقديم الخطاب الاقتصادي والاجتماعي على أي طرح سياسي آخر. فالانتخابات محطة سياسية أساسية يجب أن تتقدمها معارضة تتفق على برنامج سياسي، وتحالف سياسي متفق عليه. بغير ذلك تعيد الانتخابات الشرعية لمنظومة باتت متهالكة".

لكن هل هناك من إمكانية لبلورة جبهة سياسية تجمع اليساري والليبرالي تحت مظلة واحدة، على قاعدة إسقاط المنظومة الحالية؟

وفق المجموعات، الشارع يجمع كل المجموعات المتناقضة سياسياً. فالجميع يتفقون على التنسيق لتنفيذ التحركات في الشارع، ويتقاسمون الأدوار. لكن لا توافق على رؤية سياسية مشتركة. لذا بدأت تدور نقاشات لتشكيل تكتلات تجمع المجموعات ذات الرؤى السياسية المشتركة. لم تتبلور فكرة التكتلات بعد، لكن النقاشات تدور حول ضرورة فرز القوى لوضع برامج سياسية موحدة. 

خمس جبهات
ووفق النقاشات، فإن فرز القوى يعتبر مفصلاً أساسياً لمرحلة ما بعد 17 تشرين، لبلورة خطاب سياسي مشترك. وبدأت تظهر تصورات لتشكيل أقله خمس جبهات أو قوى سياسية تتفق على رؤية مشتركة:
الحزب الشيوعي، والتنظيم الشعبي الناصري والحزب الديمقراطي الشعبي وغيرهم من اليسار.
تكتل ليبرالي يميني مثل حزب الكتائب، وحزب سبعة، والنائب شامل روكز، وبولا يعقوبيان، وخط أحمر، وغيرهم.
ومن بين المجموعات السياسية يوجد المرصد الشعبي لمحاربة الفساد، ومواطنون ومواطنات في دولة وبيروت مدينتي وغيرهم. فهي تتلاقى مع باقي المجموعات الناشطة ومع الأحزاب السابقة الذكر، لكن لم تحسم خياراتها بشكل تام.

وإليهم ثمة مجموعات قاعدية مثل لحقي، وعامية 17 تشرين، والحركات الطلابية واليسار التحرري.. التي تبدو ميالة إلى تحالف مشترك بعيدا عن تلك التكتلات اليسارية التقليدية.
 
وهناك أيضاً المجموعات التي تدور في فلك حزب الله ومحور الممانعة مثل شباب المصرف، وتحالف أوعى، وحركة الشعب، والقوميين وغيرهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها