السبت 2021/03/06

آخر تحديث: 06:43 (بيروت)

التأزم الاميركي السعودي..فرصة لروسيا وأسلحتها

السبت 2021/03/06
التأزم الاميركي السعودي..فرصة لروسيا وأسلحتها
increase حجم الخط decrease
ما أن تتوتر العلاقات بين بلدين ، أو تندلع حرب في منطقة من العالم ، حتى تسارع روسيا إلى البحث عن إمكانية الإفادة من الحدث . وغالباً ما تعتبر الأمر فرصة سانحة لفتح سوق جديدة لمبيعات السلاح ، الذي يكاد يكون الصناعة الوحيدة ، التي تجيدها . حتى اللقاح ضد وباء الكورونا، الذي أنتجته مؤخراً ، واعتمدته بلدان عديدة ، سارعت إلى إعتباره سلاحاً جيو-إسترتيجياً ، تكاد تعتبر كل صفقة منه مع هذا البلد أو ذاك "إنتصاراً" جديداً على طواحين هواء الغرب . وإذا كانت البلدان الأخرى تعمل على توسيع رقعة نفوذها لكي تفتح أسواقاً جديدة لمنتجاتها ، التي تشمل كافة أنواع السلع ، بما فيها السلاح ، فإن روسيا توسع رقعة نفوذها لكي تصدر السلاح والخامات فقط ، بعد أن كانت تضيف إليها الشيوعية في الحقبة البولشفية.

ما أن توترت العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة مع وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض ، حتى سارعت روسيا إلى البحث عن امكانية الإفادة من هذا التوتر ، وتذكير السعوديين بسلاحها . فقد نشرت صحيفة الكرملين "vz" مطلع الشهر الجاري نصاً بعنوان "خلاف السعوديين وأميركا يفتح لروسيا سوق سلاح جديد" . وتُذكِّر الصحيفة ، بأن الكونغرس الأميركي ، وبإجماع الديموقراطيين والجمهوريين ، صوت على تحميل ولي العهد السعودي بالذات المسؤولية عن مقتل الكاتب جمال الخاشقجي . لكن لا  قرار الكونغرس الأميركي ، ولا التقرير الخاص لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (الذي حمل السلطات السعودية أيضاً المسؤولية عن "الإعدام دون محاكمة" للخاشقجي) لم يمنعا دونالد ترامب من مواصلة التعاون مع الرياض ، والإبقاء على صفقة السلاح الهائلة معها.

تنقل الصحيفة عن دكتور روسي في العلوم العسكرية قوله ، بأن قرار واشنطن "معاقبة" السعوديين ، هو مثال للتصادم بين الأصولية الليبرالية والمَلَكية المطلقة ، التي لا يربطها شيئ بالليبرالية . ويرى ، أن الولايات المتحدة نفسها أظهرت للسعوديين ، خلال إقتحام الكابيتول في كانون الثاني/يناير المنصرم ، عدم إستقرارها الداخلي . ويقول ، بأن العرب بشكل عام ، لا يغفرون مظاهر الضعف ، وسبق لهم ، أن أدركوا في عهد ترامب ، أن الولايات المتحدة لم يعد بوسعها ، أن تشكل ضمانة موثوقة لاستقرارهم ، لأن الأميركيين قد ينسحبون من الشرق الأوسط في أية لحظة.

ويعتبر هذا الخبير ، أن الحرب في اليمن أظهرت الجيش السعودي ضعيفاً للغاية ، على الرغم من إمتلاكه أكثر التقنيات حداثة . ويشكل هذا الأمر ، برأيه ، السبب الثاني لبحث السعوديين عن راعٍ جديد ، ولا يستبعد أن يتزايد نفوذ روسيا في السعودية في المستقبل القريب . ويرى أن موسكو ، وعلى عكس واشنطن ، ثابتة في سياستها في الشرق الأوسط ، بما في ذلك ، حيال السعودية . وهي تعزز هيبتها في المنطقة ، وليس بسبب العملية العسكرية في سوريا فحسب ، بل وبفضل حسن سياستها ومهارتها في التفاوض مع الجميع ، من عرب وأتراك وإيرانيين وإسرائيليين.

الخلاف الأميركي السعودي ، الذي يعتبره الخبير صراعاً ، قد يؤدي إلى فتح السوق السعودي أمام منتجات المجمع الصناعي العسكري الروسي . وسبق لروسيا ، أن دخلت سوق السلاح السعودي ، وباعت السعودية ناقلات جند مجنزرة . ويأمل الرجل ، بأن تثير كل الأسلحة الروسية إهتمام السعوديين ، وخاصة أنظمة الصواريخ S - 400  ، التي يعتبرها الرجل متفوقة على الأنظمة الأميركية "باتريوت" ، التي لا يزال السعوديون يستخدمونها "حتى الآن" . ويعدد أنظمة الدفاع الجوي ، التي يمكن أن تثير إهتمام السعوديين ، الذين قد يهتمون بحاجات الأسطول الحربي ، ولن يهتموا ، برأيه ، بالدبابات والطائرات الحربية ، لأن الجيش السعودي "مشبع"  بهذه الأسلحة الأميركية.

 مدير مركز تحليل الإستراتيجية والتقنيات ، تنقل عنه الصحيفة تحذيره من أن السعوديين زبائن "شديدو الخصوصية" ، حيث أنهم يشترون كميات غير متناسبة من الأسلحة ، لا يستخدمون القسم الأكبر منها . وصفقاتهم من الأسلحة تحمل ، في الحقيقة، طابعاً سياسياً بحتاً ، إذ تحت ستار صفقات السلاح ، يشترون التأييد وضمانة الأمن وعدم إنتقادهم.

ويرى مدير المركز هذا، أن السعودية بوسعها ، نظرياً ، أن تشتري من روسيا أي شئ : طائرات ، صواريـــخ S - 400 ، دفعة جديدة من بنادق كلاشينكوف الرشاشة .  ومن الصعب للغاية ، برأيه ، التكهن بما سيطلبه السعوديون من روسيا بالضبط ، إذ أنهم يعتبرون ذلك "رشوة" لروسيا مقابل موقف مؤيد لهم في المنطقة ، وعلى صعيد العالم.

الموقع الإخباري الأول للأعمال في أوكرانيا "ukrrudprom" إستعرض أحداث الخلاف الأميركي السعودي ، وخلص إلى القول ، بأن السعوديين يهددون بحذر إدارة بايدن بإرتداد محتمل للمملكة بإتجاه الصين وروسيا ، اللتين قد تتحولان إلى مصدر بديل للسلاح السعودي . الخلاف السعودي الأميركي بوسعه أن يغير جذرياً  السياسة الشرق أوسطية ، لكنه لن يؤدي إلى إفتراق الحليفين القديمين مثل ناقلتي نفط في المحيط ، بل سيبقيان حليفين في المستقبل المنظور طالما ، أن إيران قررت بأن اللحظة مناسبة لرفع رهاناتها.

قد تقع خلافات بين السعودية والولايات المتحدة ، لكن هناك إيران ، أحد مزعزعي الإستقرار الرئيسيين في المنطقة ، الذي يهدد الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية . وهي العامل الموحد للحلفاء ، بالرغم من أن إدارة بايدن ، وعلى عكس إدارة ترامب ، لن تقدم دعماً "أعمى"  ومطلق لإسرائيل والسعودية ، حسب الموقع.

تلك هي السياسة الشرق أوسطية الجديدة للولايات المتحدة ، التي ستكون أكثر مرونة ومتعددة الجوانب ، حيث أنها لن تقفل عيونها عن "فعلات" السعوديين ، لكنها لن تلاعب إيران ، في محاولتها إيجاد حل للصفقة النووية ، وسوف تدافع بحزم عن مصالحها عند الضرورة ، كما يستنتج الموقع.

صحيفة "NG" ، التي تقول بأنها مستقلة، علقت على الحدث السعودي الإيراني بنص عنونته بالقول "الخلاف الأميركي السعودي أنعش الحوثيين" ، وقالت ، بأن أعداء الرياض اليمنيين إنتقلوا إلى الهجوم قبل مفاوضات السلام . واقتصرت مقالة الصحيفة على الحديث عن المؤتمر الدولي برئاسة سويسرا والسويد ، الذي كان يحاول جمع التبرعات من أجل إنقاذ اليمنيين من الموت جوعاً ، في حين كان المتصارعون اليمنيون في هذا الوقت "يناقشون علاقاتهم بواسطة السلاح".

وكالة نوفوستي نشرت في 2 من الشهر الجاري نصاً مطولاً بعنوان "الولايات المتحدة قررت معاقبة السعوديين . هل تستفيد روسيا وإيران من ذلك" ، وقالت بأن مرحلة صعبة تنتظر السعودية في علاقاتها مع الولايات المتحدة . ونقلت عن خبير روسي قوله ، بأن علاقات السعودية مع الولايات المتحدة زمن ترامب ، خلقت لدى ولي العهد السعودي شعوراً بالإفلات من العقاب ، وبأن أي مسألة يمكن حلها بالمال مع الولايات المتحدة . ويقول الخبير ، بأنه على الرغم من كل الخطوات الأميركية التصعيدية تجاه السعودية ، إلا أنه لا يمكن الحديث عن مراجعة كاملة للعلاقات بين البلدين . بل سوف يتبادلون الإتهامات والتهديدات والمهاترات ، لكن المراجعة الشاملة للتعاون بين البلدين لن تحدث.

خبير آخر من المجلس الروسي للعلاقات الدولية يوافق الخبير الأول في رأيه ، ويقول ، بأن إعتماد سياسة أميركية متشددة حيال السعودية ، سوف تتحول أوتوماتيكياً لصالح إيران ، وهو ما لن تقدم عليه الولايات المتحدة من أجل معاقبة أولئك  الذين يقفون وراء مقتل جمال الخاشقجي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها