الجمعة 2021/03/05

آخر تحديث: 21:47 (بيروت)

البابا في العراق..رجاءات ضائعة ومنطقة لا تلوي على شيء!

الجمعة 2021/03/05
البابا في العراق..رجاءات ضائعة ومنطقة لا تلوي على شيء!
الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً البابا في بغداد (غيتي)
increase حجم الخط decrease

جاءت زيارة البابا فرنسيس العراق لتظهّر ضعف الإنسان وضحالته فكرياً وهشاشته جسدياً، سواءً أكان هو المستقوي على غيره أم هو المُستقوى عليه، وهو التعليق على ما نشهده في يومياتنا والذي يُفترض أن يوحي به ابن بشر متسامح خلوق بشوش مثل هذا البابا.

وقد عبّر عن ذلك، الإعلامي مظفر قاسم حسين، الذي رأى في زيارة البابا "تكريماً لطبقة سياسية فاسدة أدارت الحكم على مدى سنين عجاف، نزف خلالها العراقيون أنهاراً من الدماء ونُهبت ثرواتهم، ما أوصل العراق لأن يكون أسوأ بلد في الشرق الأوسط تتحكم فيه أجندات محلية وإقليمية وأميركية، حيث عملت هذه الأجندات على إستهداف الإنسان العراقي أولاً". ومن المغرّدين من رأى في زيارة البابا للعراق المحتل دليلاً على أن "الفاتيكان كان طرفاً في التخطيط والموافقة على غزو العراق وتدميره". وفي المقابل، اعتبرت تغريدات أخرى أن الزيارة "دعم للشباب المتمرّد على تلك الطبقة".

لكن ما كان لافتاً في السوشال ميديا في ما يخص الزيارة، هو المعارك بالصور واللافتات والشعارات، أكثر من الاحتدام الكلامي. فالكلام المستعِر الذي عبّرت عنه الآراء والتفاهات والترّهات والمراجل وتربيح الجميل ونكرانه، كان غزيراً جداً، لكنه كان أيضاً ممجوجاً حتى التجفاف. بدا أنه منقول، "كوبي/بايْست" بلغة الكومبيوتر، عن كل ما سبق. لا يحمل جديداً سوى اسم البابا فرنسيس، مع ذكر كلمة "المسيحيين" التي تُطلّ وتختفي بحسب المناسبة... إلا في لبنان، نراها حالياً محلّقة مع كلمة حقوق، في احتكار تافه لحقوق الإنسان.

يصادف المارّ في "تويتر" رسماً بسيطاً يرحّب بالبابا ويصوّره فاتحاً ذراعيه متوجّهاً نحو خريطة للعراق خضراء نضِرة، تحيط بها أزهار ملوّنة يتنقّل عليها الحبر الأعظم في طريقه إلى هناك. والأخضر هنا صادم لأنه لا يعبّر عن العراق الحالي الأقرب لونه إلى الأحمر المسودّ، ولا عن عراق سابق خيّر وأخضر بالفعل، لكن طغت عليه معاناة شعبه حكماً جائراً.

فجاء هذا الأخضر تعبيراً عن الأمل. أمل في المطلق، ورَد في تغريدات كثيرة بصيغ مختلفة، لعلّ أبرزها "البابا أملنا". وشدّد عليه كاهن، ظهر في تقرير "بي بي سي"، يعلّق على المعترضين على زيارة البابا، بالتساؤل عمّن يحمي المسيحيين في العراق. فيعيد طرح مسألة الحياد المحتدمة سياسياً في لبنان، ومسألة الاستنجاد بالخارج الذي يحلو لأطراف نكران ممارسته فيما هم يفعلون ذلك، واتّهام سواهم بارتكابه، يصل إلى حد الخيانة، ما يذكّر بقصة من لا يرى حدبته ويرى حدبة غيره.

والتعبير عن ذلك الأمل المفقود، جاء من هاني عاشور، الخبير في الشؤون الأمنية، إذ غرّد بأن "زيارة البابا للعراق تعني عالمياً أن العراق ما زال قِبلة الكون، ومركز الحدث عالمي. ويحتاج قادته أن يفهموا مكانة بلدهم فلا يذلّونه".



وفي ما يضيف نكهة على مسألة الاستنجاد، علّق الأب سليم حنا، عبر صفحة "مسيحيي المحبة والسلام" في فايسبوك، بالقول: "كل إنسان مثقف يدرك مدى أهمية هذه الزيارة وخاصة للمسيحيين المقيمين هناك. ‏فمن الناحية المعنوية يأتي البابا ليعطي الهمة والشجاعة لكل المسيحيين الذين هددتهم الحروب المتتالية في وجودهم، لاسيما التهديد الأخير والتحطيم الذي حصل لمدن المسيحيين من قبل مجاهدي داعش. أما من الناحية المادية، ‏فإن العديد من العراقيين أصبحوا معتادين أن ينتظروا استلام المعونات المادية. وسوف يصاب هؤلاء بالاحباط. ‏لأن البابا يعمل بتعاليم الإنجيل المقدس، ولا يوزع الدولارات والمعونات مثلما يفعل الآخرون الذين يشترون ضمائر الناس بتوزيع الماديات عليهم".

جاءت الزيارة استكمالاً لوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّعها البابا في الإمارات، حيث التقى الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر. وهو يزور العراق ليلتقي آية الله على السيستاني. وقد حملت لافتات الترحيب الجملة الآتية من وحي الوثيقة "إمَّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق". وقابلتها لافتات أخرى تقول "المسيحيون في العراق لن ينسوا فضل هؤلاء بتحرير مناطقهم من الإرهاب" وفيها رسوم لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ومن بينها لافتة "اليد التي أعادت أجراس الكنائس إلى العراق هي هذه اليد" مكتوبة إلى جانب رسم ليد سليماني التي قطعت خلال عملية اغتياله، وتحمل كنيسة متهالكة مضاءة.

"نحتاج إليك في لبنان"، غرّد لبنانيون كثر ربما بداعي الغيرة. ووصف سليمان فرنجية، زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق، بأنها "رسالة سلام وحوار بين الديانات وتكريس للمسيحيين بأرضهم على أساس العيش المشترك والإيمان الواحد". فردّ عليه أخ له بالقول "أوّل شيء، على المسيحي ألا يضع العصي في دواليب (عجلات) أخيه المسيحي". وينتظر سعد الحريري زيارة البابا لبنان إذ يراها "بأهمية الحوار بين الأديان وحماية العيش المشترك". ليرد عليه لبناني آخر، من حرقة قلب: "اسمعني، ركز معي: هناك بشر يتضاربون بالعصي من أجل كيلو سكر ما الذي يحل لك وله ولكم جميعاً. فرط البلد لأنه معلق بعشرة اشخاص. كفى، حرام عليكم".

أثناء الزيارة، دعا البابا إلى وقف القتل بقوله "لتصمت الأسلحة"، ليأتي الرد سريعاً "سوف يسمعون كلامك ويضعون للأسلحة كواتم"... وعلى هذا المغرّد أن يعلم بأنهم استخدموا الكواتم حتى قبل أن يسمعوا كلامه، في التهديد بالاغتيال وفي اغتيالات كثيرة، منها قنص المتظاهرين في العراق، وآخرها في لبنان حيث قتل جوزيف بجاني ولقمان سليم وغيرهما كثر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها