الثلاثاء 2021/03/02

آخر تحديث: 19:35 (بيروت)

ليست ثورة.. النظام يجدد نفسه

الثلاثاء 2021/03/02
ليست ثورة.. النظام يجدد نفسه
تحركات هي الأوسع منذ 17 تشرين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ليست ثورة. لا داعي للتقدير المتسرّع بأن الانفجار الشعبي آت، وسيطيح منظومة الحكم. ما يجري هو رد فعل على ارتفاع سعر الدولار، سيُلزم السلطة باحتوائه عبر الطلب من حاكم مصرف لبنان تمديد المهل المعطاة للمصارف لزيادة رأسمالها. 

قد لا يحظى هذا الاستنتاج بتأييد شعبي، ويخالف التقديرات التي انتشرت في مواقع التواصل ووسائل الاعلام، بأن ارتفاع سعر الصرف الى 10 آلاف ليرة، الذي أطاح القدرة الشرائية للمواطن، وقلص قيمة رواتب الموظفين الى حد كبير، سيمهّد لثورة "تشيل وما تخلي". 


مهلاً، التجربة اللبنانية علمتنا أن الأحلام الكبيرة، محكومة بعوائق سياسية وبلوكات طائفية لا يمكن القفز فوقها. وعلّمتنا بأن الغضب متاح لأيام، أسابيع، شهور، من دون أن يتعارض مع مصالح سياسية. وعلّمتنا أن القوة الديموغرافية القادرة على تحقيق تغيير، لا تغامر من دون تأييد سياسي ودولي. هذا التأييد مفقود حتى الآن، لا الأمم والدول متفرغة لقضيتنا نحن اللبنانيين، ولا القوى السياسية جاهزة لقَلبِ النظام رأساً على عقب. من دون هذا النظام، لا تستطيع تحقيق مكاسبها في المدى الطويل.
 

الدولار 1700 قرطة متظاهرين "نياع" ليك كيف بيسبوا الدولار 2000 قرطة متظاهرين وقطاع طرق الدولار 3000 قرطة متظاهرين...

Posted by Imad Bazzi on Tuesday, March 2, 2021

والأحلام الكبيرة، عززها مشهد لم يتكرر منذ 17 تشرين 2019. يمكن وصف الاحتجاجات بأنها الأوسع نطاقاً منذ 17 تشرين. غطّت كل لبنان، بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت، والجنوب والبقاع وطرابلس، فضلاً عن ساحة الشهداء في بيروت. فتحت الشاشات الهواء لتغطية حدث نادر، لا يشعله لإلا الغضب الناتج عن خوف على رغيف الخبز. 

يقول متظاهر أمام إطارات مشتعلة: "لسنا مع أحد ولا ضد أحد.. خرجنا ضد الجميع.. خرجنا لأن الدولار وصل الى 10 آلاف ليرة.. بدنا نطعمي أولادنا". 

أُشعلت الإطارات، وقُطِعت الطّرق، وخرج الناس اعتراضاً وخوفاً... لكنهم في الوقت نفسه، متوجسون من الآتي. توجس من تغيير لا يُبقي لأولادهم مستقبلاً، ويتوهمون بأن هذا المستقبل محصور في النظام وحده. هو النظام القادر على إعادة انتاج السرديات الطائفية والمذهبية والسياسية.. روايات المؤامرة، وحقوق الطائفة.. القادر على إعادة تكوين السلطة، من خرابها. القادر على إطاحة الحقوق، عبر استيعابها، وامتصاص الغضب، وتمرير ما يريده بالتقسيط. 


منذ اللحظة الأولى لاحتجاجات المساء، استعادت الأوهام حياة لم تسكنها منذ 17 تشرين.. لكنها سرعان ما ستسقط، غداً أو بعد غد، كما سقطت أحلام تشرين، وقبلها اندفاعة التغيير إثر ملف النفايات في 2015. التغيير في لبنان يحتاج الى توافر عنصرين، الإرادة الدولية، وتوازن القوى الداخلية، وكلاهما مفقود حتى لو أدى الانهيار الى تكرار تجربة سوريا في لبنان: شعب يحيا من القلة، وحكام يتربعون على الرأس!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها