الإثنين 2021/04/19

آخر تحديث: 18:39 (بيروت)

تأميم معاكس للمصارف السورية..النظام يبتلعها عبر "حيتانه"

الإثنين 2021/04/19
تأميم معاكس للمصارف السورية..النظام يبتلعها عبر "حيتانه"
© Getty
increase حجم الخط decrease
الحديث عن تأميم " المصارف الخاصة" عاد إلى التداول من جديد، بالتزامن مع إقالة حاكم مصرف سوريا المركزي والذي سمح وفق "وسائل إعلام النظام السوري" لتجار كبار بالحصول على قروض كبيرة دون أي استثمار.

لكن التسهيل أو التأميم ليس محكوماً بما يحصل بالاقتصاد اليوم، حيث سعت المصارف منذ استيلاء البعث على السلطة في سوريا الى تقديم تسهيلات ائتمانية وقروض كبيرة من دون ضمانات حقيقية لأرباب النظام وأزلامه من الدائرة المقربة، وخلال 15 عاماً مضت أحكم النظام سيطرته المطلقة على المصارف عبر أشخاص يثق بهم، ومن رجال أعمال من" فئة الحيتان" يأخذون من أموال المصارف متى يشاؤون وما يرغبون على حساب المال العام والخاص، وفي بعض الأحيان تجاوزت تلك القروض والتسهيلات رؤوس أموال المصارف.

هذه المصارف لم تشارك في مشاريع اقتصادية حقيقية بل كانت عبارة عن شركات صرافة ومراكز لجمع الأموال، وخلال السنوات العجاف من عمر الثورة السورية عانت المصارف من أزمة حادة وخانقة لتجاوز نسبة القروض المتعثرة الحدود المسموح بها، تلك القروض ذهبت إلى خزائن الشبيحة وأزلام النظام، إضافة إلى رجال أعمال مقيمين في الخارج وما زالوا يمارسون نشاطهم التجاري والاستثماري.

وقد ساهم عدد من رجال الأعمال والمصارف العامة والمؤسسات الحكومية في تأسيس تلك المصارف بغية السيطرة عليها والحصول على قروض وتسهيلات ائتمانية كبيرة لاستغلال أموال الناس المودعين من باب لبرلة الاقتصاد السوري.

لا نشاط اقتصادي
ويشرح الصحافي الاقتصادي محمد بسيكي في حديث ل"المدن"، أن "المصارف لا تقوم حالياً بتمويل المشاريع الصغيرة أو الكبيرة ولا تمنح القروض أو التسهيلات الائتمانية، إلا على نطاق محدود جداً، وبالتالي لا يمكن معرفة حجم نشاط الإقراض في السوق، أوالقطاعات المستفيدة سواء أكانت صناعية أم عقارية أو سياحية".

ويوضح بسيكي أن المصارف، وخلال السنوات العشر الماضية، أغلقت العديد من الفروع في مدن عديدة بسبب الأحداث، والآن ربما تنتظر مرحلة إعادة الأعمار، "هناك الآن فقط كيانات مصرفية وهياكل مالية، وليس هناك أي نشاط استثماري ذي جدوى في ظل الانهيار الاقتصادي الحاصل، وبالتالي لا يمكن التعويل على النشاط المصرفي في ظل الواقع الاقتصادي السيء".

ويستبعد بسيكي فكرة تأميم المصارف السورية الخاصة، خاصة بوجود شركاء أجانب في معظمها، موضحاً أن هذه الخطوة بحاجة لقوانين خاصة، تجيز للنظام السيطرة، كما أن "حقبة الستينيات ومراحل التأميم باتت من الماضي وقد بنى النظام قوانين قبل الثورة تعمل على جذب المستثمرين الأجانب، لكن لا أحد يمكنه الجزم بما قد يحصل على هذا الصعيد".

ويعتبر أن أرباح البنوك السورية في مجملها لا تأتي من نشاط استثماري وإنما من إعادة تقييم القطع البنيوي و فروق أسعار الصرف، وإذا استثنيت أرباح تقويم مركز القطع البنيوي، فإن المصارف قد سجلت خسائر.

السيطرة على مفاصل الاقتصاد
قبل اندلاع الثورة السورية بأشهر قليلة سعى النظام إلى زيادة رأسمال المصارف رغبة في توسيع قبضته على ما تبقى من أموال ومدخرات السوريين، وليتمكن رامي مخلوف وأعوانه ومن ثم سامر الفوز وغيرهم من السيطرة على حصص العديد من رجال الأعمال والشركاء الأجانب في تلك المصارف عبر صفقات مشبوهة، حيث تم استخدام المصارف للسيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري.

ويشير المحلل الاقتصادي يونس الكريم في حديث ل"المدن"، إلى أن أغلب الشركاء الأجانب في المصارف الخاصة انسحبوا من سوريا لصالح مستثمرين محليين منهم رجال أعمال من أرباب النظام أو أمراء حرب ولعل أبرز تلك البنوك بنك عودة سوريا، والبنك السعودي الفرنسي، وبنك قطر، والبنك الإسلامي وغيرهم.

ويضيف الكريم أن "المصارف الخاصة تحت سيطرة النظام، ولا يوجد حصص أجنبية باستثناء رجال أعمال محسوبين على إيران، واستيلاء النظام على المصارف قد يكون عبر السيطرة على أسهم وحصص رجال أعمال غير مرغوب بهم".

ويعتبر أن انهيار القطاع المصرفي الخاص في سوريا "متوقع" بسبب العقوبات الدولية، التي أصابت هذا القطاع ب"العزلة التامة"، إضافة إلى انسحاب العديد من رجال الأعمال من إدارة هذه المصارف، و"في الظروف الحالية لن يتمكن هذا القطاع من الدخول في مرحلة إعادة الإعمار، لأن دور هذه المصارف انحصر فقط بالمضاربة في سوق الدولار، كما أن النفقات التشغيلية والإدارية أكثر من العوائد".

ويوضح الكريم أن هذه المصارف تعاني حالياً ركوداً كبيراً في نشاطها، ولا سيما على مستوى التسليفات للقطاع الخاص والأفراد، وأرباح هذه المصارف لا تزال اسمية غير محققة وناجمة عن الفرق بين محفظتها من العملات الأجنبية وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار.

ويشير إلى أن المصارف الخاصة قدمت القروض بشكل مجاني، مما دفع أغلب رجال الأعمال لاستباحة أموالها وزيادة ثروتهم على حساب المودعين، وعلى الرغم من غياب الشفافية والأرقام حول حجم هذه القروض المتعثرة، إلا أن قرارات الحجز الاحتياطي كشفت أسماء بعض رجال الأعمال.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها