الثلاثاء 2016/03/15

آخر تحديث: 16:59 (بيروت)

"الإندماج اللغوي للاجئين".. مشاريع التدريب لا تستكمل

الثلاثاء 2016/03/15
"الإندماج اللغوي للاجئين".. مشاريع التدريب لا تستكمل
تدرّب في هذا المشروع 1200 أستاذ لغة أجنبية في لبنان (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
أضاف ضعف اللغات الأجنبية في المناهج التعليمية السورية الرسمية، مزيداً من العثرات في المستقبل التعليمي للأطفال السوريين، عند لجوئهم إلى بلدان أخرى. فالتلامذة السوريون في المدارس اللبنانية الرسمية يواجهون اليوم مشكلة تعلمية بسبب دخول اللغات الأجنبية في تعليم المواد الأساسية كالرياضيات، فضلاً عن تدريسها كمادة منفردة تدخل في امتحانات الشهادة الرسمية المتوسطة والثانوية. وليست اللغة المشكلة التعلمية الوحيدة التي يواجهها هؤلاء التلامذة، بل تضاف إليها مشكلة اختلاف المنهاج التعليمي اللبناني عن السوري، وصعوبة الإندماج والتأقلم مع التلامذة اللبنانيين، ما يؤدي في حالات كثيرة إلى حصول مضايقات واعتداءات.


في المقابل، لا يمكن لأحد أن يدّعي أن التلامذة اللبنانيين، خصوصاً في المدارس الرسمية، متمكنون فعلاً من اللغات الأجنبية ناهيك باللغة العربية، أو أنهم لا يواجهون أي مشكلة تعلمية بسبب ضعفهم في اللغات. وهذا ما لم تدّعيه ممثلة المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي صونيا الخوري في الحفل الختامي لمشروع "الحصول على التعليم: الاندماج اللغوي للاجئين السوريين الأطفال"، الذي عقد، الثلاثاء، في فندق كراون بلازا في الحمرا. فالمشروع الذي نُفِّذ على امتداد 28 شهراً، تعاون على تنفيذه كلٌّ من "المجلس الثقافي البريطاني" و"المركز الثقافي الفرنسي في لبنان" بتمويل بلغت قيمته 1.3 مليون يورو من قبل الاتحاد الأوروبي.

ويمتلك كلا المركزين خبرة طويلة في تعليم لغتهما، نظراً للدورات التي ينظمانها في مراكزهما بشكل مستمر. أما الطرق التي يعتمدها هذان المركزان في تعليم اللغة كلغة أجنبية وليس كلغة ثانية فقط، فهي طرق متطورة جداً قد يستمتع بها الراشد كما الطفل. ولأن اللغة تعكس العادات والمفاهيم الاجتماعية الخاصة بالمجتمع الذي يتكلمها، لا يمكن فصل اللغة عن الثقافة. فتعلم الفرنسية مثلاً يحكم على المتعلم فهم نظرة المجتمع الفرنسي إلى المرأة والرجل والعمر والمرتبة الاجتماعية، من خلال تعلم قواعد اللغة فقط. من هنا يفهم اهتمام الممولين بهذا المشروع.

هكذا، وبدعم من وزارة التربية و"المركز التربوي للبحوث والإنماء"، تدرّب في هذا المشروع 1200 أستاذ لغة أجنبية في لبنان، على يد 25 مدرّباً. ورافق الأساتذة في المراحل اللاحقة للتدريب 100 مستشار توجيهي، ما أدى إلى استفادة 100 ألف تلميذ من هذا المشروع، 60% منهم من التلاميذ السوريين و40% من اللبنانيين، تراوحت أعمارهم بين 8 و14 سنة، عبر اتباع استراتيجيات تعليمية تجمع بين تعليم اللغتين الإنكليزية والفرنسية كلغة أجنبية وكلغة ثانية أيضاً. وهذه مسألة حرصت مديرة "المجلس الثقافي البريطاني" دونا ماك غوين على توضيحها أثناء حديثها عن المشروع. فتعليم اللغة للتلميذ كلغة أجنبية، يقوم على اعتباره عنصراً مؤثراً على طريقة التعليم، وفقاً لعمره ومستواه اللغوي واهتماماته. كما يستوحي الأستاذ في هذا النوع من التعليم طرق التعليم من إجابات وتفاعل التلاميذ.

وعلى الرّغم من استفادة طلاب لبنانيين من هذا المشروع، أكدت الخوري حاجة التلاميذ اللبنانيين أنفسهم إلى هذا المشروع، أما وزارة التربية فـ"لم تعد قادرة على تنفيذ خطتها لمعالجة مشكلة اللغات في المدارس الرسمية، نظراً للأزمة التي تواجهها الوزارة من جراء النزوح السوري". لكن أزمة تعليم اللغة الأجنبية في المدارس الرسمية تعود إلى ما قبل الأزمة السورية بكثير، فلم لم تجد الوزارة حلاً من قبل؟

ومن أجل الحرص على شفافية المشروع وضمان فاعليته، أوكل لـ"مركز الدراسات اللبنانية" تقييم البرنامج كجهة خارجية واستنتاج بعض التوصيات. ومن خلال بحث ميداني تضمن مقابلات مع أساتذة وتلاميذ وجد المركز أن البرنامج نجح في إفهام الأساتذة النظريات التعليمية التي يجب عليهم اتباعها في تعليم اللغة بغية تغيير سلوكهم أثناء تعليم اللغة وطرقهم في شرح المواد، بما يتناسب مع الخلفيات الثقافية واللغوية المتنوعة الموجودة في الصف نفسه. كما ازداد وعي الأساتذة بضرورة وجدوى استخدام الوسائل التعليمية، خصوصاً البصرية والسمعية والألعاب ولغة الجسد في تعليم اللغة. من جهة أخرى، وجد المركز أن الأساتذة لا يلتزمون بالمهارات والطرق التي تدربوا عليها من دون ملاحقة المستشارين والموجهين لهم من خلال زيارة الصفوف مثلاً. هكذا شملت التوصيات بالإضافة إلى الإشراف والمتابعة وتوفير المواد التعليمية اللازمة، أن يتناسب كتاب التعليم ودوره مع سياق الطريقة التعليمية التي يقترحها هذا التدريب، وأن بتلاءم الإمتحان معه أيضاً بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدور الأساسي الذي يلعبه المدير أو المشرف في نجاح هذه العملية والتزام الأستاذ بها.

على الرغم من استفادة عدد لا بأس به من الأساتذة والتلاميذ من هذا المشروع، لن يستفيد من المتابعة سوى 7 مدارس فقط بسبب قصور الموارد البشرية والمادية الضرورية. من أجل ذلك، لا يزال هذا المشروع في مرحلة أولية، فهو أقرب إلى النموذج من المشروع الوطني، وهنا تكمن نقطة ضعفه الأساسية التي تحد من فاعليته. في هذا الإطار تقول مها شعيب من "مركز الدراسات اللبنانية" لـ"المدن" إن "هذا النوع من التدريب يجب أن يصبح جزءاً من التدريب الوطني. لكن نقطة الضعف هذه تنطبق على كل المشاريع الممولة من المنظمات، فحين ينتهي المشروع ينتهي على الأرض أيضاً، ولا نكمله من خلال وضعه في إطار تدريبي وطني".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها