الخميس 2014/07/31

آخر تحديث: 14:05 (بيروت)

"المستقبل" – ميقاتي: معركة لا تهدأ

الخميس 2014/07/31
"المستقبل" – ميقاتي: معركة لا تهدأ
المستقبل يتبع سياسة التخفيف من الصراعات الهامشية والتركيز على ميقاتي (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

بعد أكثر من عام على تحول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى تصريف اعمال وأكثر من ستة أشهر على رحيلها كلياً، لا تزال العلاقة بين "العزم والسعادة" و"المستقبل" على حالها. لا سلام ولا كلام بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، فقط غمز ولمز من فوق وتحت الطاولة، كإنعكاس لعلاقة تسوء حيناً وتسوء أكثر أحياناً، لكن في كلتا الحالتين لا مجال للتقدم أو ترميم ما تصدع منذ العام 2010.

بعيداً عن الذكريات، لا يخفي الطرفان أن "الخطوط مقطوعة". استثناءات قليلة يعترف بها المتخاصمون. "شعرة معاوية" هي الباقية، عبر علاقة شخصية تربط بعض المقربين من ميقاتي و"المستقبل" أو الأصدقاء المشتركين. شعرة لا تقدم ولا تؤخر بما أن القرار محسوم لدى المستقبليين برفض التحاور أو الوساطة، بعد أن كان الحريري حازماً في خطاب البيال الأخير وبعد أن أخبر من زاره في جدة قراره النهائي، فيما يبدو ميقاتي أكثر مرونة وإن كان متمسكاً بالدفاع عن نفسه كما تقول مصادره.

يذهب المستقبليون أبعد في تفسير رفض الحوار لترميم الجسور. يشيرون ويُلمحون إلى ان الموضوع أضحى أكبر من الساحة المحلية. ماذا يعني ذلك؟ يقولون: "السعوديون ليسوا مستعدين لهذا الأمر لأنه يتعلق بسياسة المنطقة، وميقاتي جزء من منظومة الممانعة التي تُدار من قبل حزب الله وايران ومن يدور في فلكهما".

يعود "المستقبليون" بسرعة الى الساحة الطرابلسية. يكررون قول الحريري: "فهم أهل طرابلس كفاية" للدلالة على تصرفات ميقاتي في المدينة. يقولون إن القنابل التي ترمى في نهر أبو علي يرميها أفراد يدورون في فلك سعد المصري والجميع يعلم بأوامر من يأتمر المصري، كما أن الإعتصام الأخير لإطلاق سراح الموقوفين، كان برعاية ميقاتي وتمويله وكان يرسل الطعام والشراب عبر شخص معروف الهوية والإنتماء، بغية حشر المستقبل. "العزميون" من جهتهم يحاولون تجنب الدخول في السجالات. يكتفون بالنفي، ورد التهم إلى أصحابها، يقولون أيضاً إن "أهل طرابلس أدرى بشعابها وبالرئيس ميقاتي".

يركز "المستقبل" على معركته مع ميقاتي حصراً. لا يريد أي معركة هامشية. لهذه الغاية تقول مصادره إنهم منفتحون على الجميع في طرابلس- بإيعاز من الحريري شخصياً-وإن كانوا أيضاً يدورون في فلك "حزب الله" لأنهم عوامل ضعيفة. يشيرون إلى الوزير السابق فيصل كرامي بالقول "ليس هو بيت القصيد وتأثيره محدود"، وإلى الوزير السابق محمد الصفدي بأنه على عداوة واضحة مع ميقاتي وتأثيره هامشي. يختصرون: "هذه معارك دونكيشوتية وسياستنا هي التخفيف من الصراعات التي لا طعم لها والتركيز على جو وعقلية ميقاتي في المدينة".

بين هذه الصراعات كلها، يستعمل الطرفان الورقة والقلم لقياس الأرض وشعبيتهما. محور العزم يشير الى احصاءات تؤكد تقدم ميقاتي، فيما ينفي محور المستقبل، مكتفياً بالقول: "نحن لدينا احصاءات وهم لديهم احصاءات وكلانا يعرف جيداً الأرض، كل من يطلق الشعارات لا ينتخب في طرابلس".

في سياق الورقة والقلم، ينتهز ميقاتي فرصة تراجع نسبة التقديمات التي يقدمها "المستقبل". يدخل في هذا السياق اعلانه عن تأسيس صندوق استثماري برأسمال 25 مليون دولار. خطوة تقول مصادر "العزم" إنها طبيعية ولا تخرج عن سياق ما قدمه ويقدمه ميقاتي دوماً لأهله وأبناء مدينته ان كان في السلطة أو خارجه، لكن "المستقبليين" يضحكون ويعلقون: "ممتاز ونشجعه ولنتنافس على خدمة المدينة ونحن ننتظر التطبيق لنرى إن كان صندوقاً استثمارياً حقيقياً أو بنك من دون رخصة للمرابحة ب25 مليون دولار"، قبل أن يضيفوا: "ميقاتي يمارس السياسة من منطلق ردات الفعل وهي طريقة ركيكة عموماً".

على رقعة المساحة الطرابلسية، يعود الطرفان الى الماضي كثيراً. كل منهما ينطلق من لحظة تأليف حكومة ميقاتي. يكررون في سياق السرد المفردات ذاتها. لا يزال "المستقبليون" يرون في ميقاتي "مخادعاً" بعد أن تحالف مع الحريري وانقلب عليه من أجل رئاسة الوزراء. أما "العزميون" فلا يكثرون من تبرير تلك اللحظة. يردون العتب بالعتب ويذكرون بيوم الغضب وما تلاه من محاولات لإفشال عهد ميقاتي وتكبيله.

يتوقف العزميون كثيراً عند تأليف حكومة الرئيس تمام سلام وما يقدمه وزراء المستقبل في الحكومة لـ"حزب الله" اليوم بوصفه يفوق بعشرات المرات ما قدمه ميقاتي. ويكررون: "ما نادينا به من ضرورة الحوار والإنفتاح والتوافق والشراكة يطبقونه اليوم وحبة مسك"، ويخلصون: "المستقبل يفهم السياسة من بوابة أنا أو لا أحد، وفي أحسن الأحوال أنا وأحد تابعاً".

يقرأ كلا الطرفين عدة الشغل لدى الفريق الآخر كفاية. يميز "المستقبل" بين خصم سياسي "لم يعدنا بشيء ولم يتحالف معنا وعندما دخلنا الحكومة معه دخلنا وفق صفقة وخطوط واضحة"، وبين حليف وشريك "تحالف مع الحريري وقال له انا معك وتحت رايتك ولا أقبل ان أكون رئيس حكومة الا اذا قبلت، وفي النهاية طعننا في ظهرنا وخدعنا من منطلق الشراكة".

increase حجم الخط decrease