الأربعاء 2016/03/16

آخر تحديث: 08:42 (بيروت)

بوتين يشهر البطاقة الحمراء

الأربعاء 2016/03/16
increase حجم الخط decrease

شكل قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب "الجزء الأكبر" من قواته العاملة في سورية اليوم (الثلاثاء 15/3/2016) مفاجأة للنظام السوري وبطاقة حمراء في وجهه ردا على محاولته التفلت من الزامات القرارات الدولية حول الصراع في سوريا وعليها، وخاصة القرار الذي حدد طريقا للحل السياسي يبدأ بوقف الاعمال العدائية، ولعبه على التباينات التي ظهرت بين موسكو وطهران ان في الموقف من وقف الأعمال العدائية، الذي وجدته طهران غريبا جاء في ذروة تقدم عسكري وقبيل فرض حصار على مدينة حلب واغلاق الحدود التركية السورية، أو حول اقامة نظام فدرالي في سوريا، وتجاهله للإشارات الروسية والرسائل المتكررة المطالبة بعدم تخطي الالتزامات السياسية الروسية والتصرف في إطارها(تصريحات نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفه والمندوب الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين والناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف)، وتعبيرا عن كيل طافح من تصرفاته التي كان آخرها تفسير وزير خارجيته في مؤتمره الصحفي الأخير للعملية الانتقالية حسب وجهة نظر النظام (الانتقال من الحكومة الحالية إلى حكومة جديدة تضم المعارضة والانتقال من الدستور الحالي إلى دستور جديد)، والخط الأحمر الذي اعلنه، واعلان رئيس وفده الى جنيف رفضه لمرحلة انتقالية(قدم ورقة للمبعوث الدولي فيها أفكار للحل السياسي عرف منها دعوته إلى تشكيل حكومة موسعة من النظام والمعارضة)، بالإضافة إلى الإعلان عن انتخابات برلمانية بالتزامن مع الإعلان عن بدء وقف الأعمال العدائية، وإرسال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد إلى طهران برفقة وفد عسكري رفيع المستوى، قال المراقبون: "انه أمر غير طبيعي أو معتاد".

رأى الكرملين في تكتيك النظام وسعيه للتفلت من الالتزامات الدولية تحديا لسياسته ومسا بهيبة "القيصر" وضربا لصدقيته، وتهديدا للانجازات التي حققها، خاصة نجاحه، عبر الاتفاق مع الرئيس الأميركي على الحل السياسي في سوريا، في تحقيق جزء رئيس من طموحه بإعادة روسيا إلى المسرح الدولي والاعتراف بها كلاعب مهم، ما يستدعي المحافظة على هذا التفاهم وتنفيذ الاتفاق واستثمار اللحظة في تعزيز موقع روسيا التفاوضي وحضورها الدولي، ورأى (الكرملين)ضرورة وضع القطار على السكة ثانية وضبطه بحيث لا يخرج منها ثانية.

عبر القرار الروسي عن تباين في المواقف مع النظام بلغ حدا حرجا عكسه صدور القرار من موسكو بشكل منفرد ودون تشاور مسبق مع النظام، لم يغير نفي النظام وجود خلافات بين الطرفين من حقيقة الموقف وطبيعة الخطوة وخطورتها، تعبيرا عن استياء من النظام وتذمر من أدائه وتقييدا لتصرفاته.

تنطوي الخطوة الروسية على أهمية فائقة بالنسبة للمبعوث الدولي إلى سوريا السيد ستيفان دي ميستورا، إن على صعيد طمأنته بجدية وعود راعيي الحل السياسي (واشنطن وموسكو) بدعمه في مهمته، الوعود التي سمحت له بالإعلان في مؤتمره الصحفي الأول يوم أمس "إن الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا"، و"أن جدول الأعمال وضع استناداً إلى القرار الدولي 2254، وفي إطار توجهات إعلان جنيف بالطبع"، وتذكيره باتفاق مجموعة عمل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ودول عربية في 30 حزيران/يونيو 2012 في جنيف، على مبادئ مرحلة انتقالية تتضمن هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة"، وتأكيده "أن الجلسات الحالية حاسمة"، أو على صعيد الضغط على النظام عبر استثمار تموضعه العسكري الراهن وانتشاره في مناطق بعيدة عن حاضنته الاجتماعية وتحصيناته القوية ما جعله مكشوفا وهدفا سهلا للخصوم، بوضعه أمام الحقيقة الصلبة: الكف عن اللعب على التناقضات الإقليمية والدولية والانخراط في العملية السياسية والقبول بالانتقال السياسي والحل الوسط الذي ينهي الصراع ويعيد إلى سوريا الاستقرار والأمان، أو لجهة رفع معنويات المعارضة، وخاصة العسكرية التي الحق بها القصف الروسي خسائر كبيرة بالرجال والعتاد واجبرها على التخلي عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها، فوقف الحملة العسكرية الروسية يمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترميم الصفوف ومواجهة "داعش" في المناطق المحاذية لمناطق سيطرتها وطرده والسيطرة على الأراضي التي يحتلها، ما يعدل التوازن العسكري ويمنحها الشعور بالثقة ويدفعها إلى الانخراط في العملية السياسية دون تردد أو تحفظ. وهذا كله يمكن أن يشيع مناخا ايجابيا يسمح بإجراء مفاوضات جدية وتحقيق تقدم حقيقي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب