الثلاثاء 2014/07/22

آخر تحديث: 07:33 (بيروت)

نشرة غزة: وحدة الضرورة

الثلاثاء 2014/07/22
نشرة غزة: وحدة الضرورة
increase حجم الخط decrease

 لم تتوحد الشاشات اللبنانية فحسب، بل إطلالات مذيعيها أيضاً. ملابسهم. تعابير وجوههم. تماهيهم بالحدث الجلل. حزنهم، وتباريهم على القراءة والمنافسة، وتقديم الذات لـ"الجمهور الآخر" بأبهى حلة.

لأول مرة تتوحد الشاشات على حدث، كما اتحدت في الساعة الثامنة وعشر دقائق من مساء الإثنين. ولأول مرة، يدخل مذيعو المحطات، كافة المحطات، واستديوهات الأخبار فيها، الى جميع البيوت، كل بيوت لبنان. هي إطلالة إستثنائية، بلا شك. فالمصيبة تجمع، وتطوي لثلاثين دقيقة، وهي عمر النشرة الموحدة، صفحة الإنقسامات اللبنانية، والجمهور المنقسم.

 

غزة وحّدتنا في مبادرة "فلسطين لستِ وحدك". مبادرة تستحق الثناء، لسببين. أولهما قدرة صاحبها ناشر ورئيس تحرير صحيفة "السفير" طلال سلمان على جمع الأضداد الإعلامية على غزة، بمفردات وتعابير موحدة الى حد كبير. خالية من مصطلحات إيديولوجية أو "حيادية"، إلا في ما ندر. وثانيهما، التأكيد بأن العقل الإعلامي اللبناني خلاق. مبتكر. وقادر على جمع المتناقضات في مساحة حزن واحدة. أيضاً.. المصيبة تجمع.

 

لم يتفق اللبنانيون، منذ ثلاثة عقود، على مصطلح واحد. وسائل الإعلام، لطالما كانت صدى للإنقسام. تحقق ذلك في أيام قليلة. ولنصف ساعة فقط. ظهرت ديانا فاخوري ومنير الحافي على قناة "المنار"، كما ظهر علي المسمار في "المستقبل" و"أم تي في". وانسحب المشهد على الجميع. ديما صادق في كادر واحد مع داليا أحمد، واسبيرنس غانم، مذيعة "أو تي في"، في الصورة نفسها مع أمل حاضر مذيعة "أن بي أن" . وعاد تلفزيون لبنان الى كل لبنان، من باب النشرة التي افتتحتها ندى صليبا. مشهد سوريالي، أو حدث لن قد لن يتكرر، الا في الخيالات والمبادرات.

 

بيد أن المشهد الموحد، يثلج الصدور. هو حدث يستحق المشاهدة. ليس بهدف الإطلاع على جديد تطورات غزة، والمادة الحدثيّة. لا. بهدف الثناء، أو الإنتقاد، أو التدليل الى إمكانية وحدتنا. صحيح أن غزة عنوان المصيبة التي جمعتنا. لكن حسابات الإعلام في ميزان المشهد اللبناني مختلفة. يشبه الى حدّ كبير مشهد الوحدة الرياضية في مباراة السياسيين في المدينة الرياضية قبل أعوام... ويشبه اجتماع السياسيين في المطاعم والـ"كوفيه شوب". هنا، هم أصدقاء.. وفي الكواليس متنافرون. ووراء المنابر، متخاصمون.

 

الحسابات تلك، يُستدل إليها من التقارير المصورة، غير الحدثية. بدت إحتفالية ماغازينية في مناسبة. أحاطت بالحدث. رصدت تداعياته الاجتماعية، والعسكرية، وبثّت صورة الماضي. لا يهمّ أيضاً شكل المادة. الغرض منها أقوى من المضمون. على الأقل، فتحت قنوات تواصل، لثوانٍ معدودة، بين مذيعين متباعدين بالسياسة. مختلفين بالأولويات. وكشفت عورة المعرفة من بعيد. قد يكون أحدهم عاجزاً عن تذكر إسم عائلة زميل له. فاكتفى بالإسم الأول. الآخر، كان حتى الأمس بعيداً. وقد لا يلتقي به إلا صورياً، حين يشاهده يقرأ نشرة للأخبار.

 

 بدا مشهد الوحدة فلكلورياً. هو اتحاد الضرورة. إتحاد الصورة الدعائية الموجهة للعالم بأن اللبناني خلاق. يدعم ويتضامن بطريقة مبتكرة. لا بأس. هي صورة جميلة، ولا بأس أيضاً لو تكررت، على صعيد الشؤون اللبنانية. حتى لو كانت فلكلورية. حتى لو كانت صورة لتسويق الذات. فإنقساماتنا تستحق هدنة، يجب أن تنسحب على وسائل الإعلام.

لتكون نشرة غزة الموحدة، أول الطريق الى وحدة إعلامية لبنانية.

 

increase حجم الخط decrease