الإثنين 2014/07/21

آخر تحديث: 15:01 (بيروت)

سوريا: تجديد الخمسمائة ليرة.. بـ"طبعة" روسية

الإثنين 2014/07/21
سوريا: تجديد الخمسمائة ليرة.. بـ"طبعة" روسية
المصرق المركزي السوري يصدر عملة نقدية جديدة - AFP
increase حجم الخط decrease

مرّ نحو عامين على قيام السلطات السورية للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة بطباعة كمية جديدة من العملة المحلية لتأمين السيولة المالية للأسواق. وها هي اليوم تعود لطباعة العملة، لكن هذه المرة عبر إصدار طبعة جديدة لفئة نقدية قديمة، هي خمسمئة ليرة سورية.

إذ أعلن مصرف سورية المركزي أمس الأحد عن طرح فئة الخمسمئة ليرة سورية الجديدة في الأسواق، على أن توزع مع بداية الشهر المقبل عبر رواتب الموظفين والعاملين في الدولة. وأكد حاكم المصرف أديب ميالة في تصريح لصحيفة حكومية أن طرح العملة الجديدة سيقابل بـ"سحب بالقيمة والعدد من العملة القديمة والمهترئة من السوق حتى لا يحدث اختلال في سعر الصرف ومعدل التضخم".

ويغلب اللون الأزرق الفاتح على وجه العملة الجديدة مع رسم لدار الأوبرا، أو كما يفضل النظام تسميتها "دار الأسد للفنون والثقافة"، فيما تحتل الخلفية لوحة فسيفسائية لما قيل إنه "أول نوطه موسيقية في العالم". أما أبعاد العملة الجديدة فهي مشابهة لسابقاتها من حيث العرض، بينما تزداد في الطول بمقدار الهامش الأزرق.

أصابع الحليف الأقوى للنظام، روسيا، بدت حاضرة في عملية طباعة العملة الجديدة، من خلال حديث ميالة عن ما تحمله من "ميزات أمنية جديدة أهمها التخريم المكروي". فبمجرد رفع الورقة أمام الضوء يمكن رؤية "التخريم مكتوبا عليه خمسمئة ليرة سورية، حيث لا يمكن تزويره، وهو موجود في العملة الروسية أيضاً".

هذا واعتادت سورية قبل اندلاع الثورة طباعة عملتها المحلية في النمسا عبر شركة تابعة للبنك المركزي النمساوي، لكن الشركة علقت عملها مع الحكومة السورية مع نهاية العام 2011، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي سلسلة عقوبات اقتصادية على النظام السوري. لكن النظام وجد على ما يبدو بديلاً مناسباً، إذ تشير المعلومات إلى أنه تعاقد مع شركة "جوزناك" الحكومية الروسية، التي تدير مطبعة النقود الروسية، وتقوم بطباعة عملات ورقية لدول عدة.



ميالة بدا حريصاً في تأكيده على أن العملة "المهترئة" ستسحب من التداول، في محاولة للقول بأن الدولة لا تقوم سوى بتجديد عملتها القديمة، لتحافظ بذلك على نفس القيمة والكمية. بكلمات أخرى، يعلن ميالة أنه ليس بصدد طباعة عملة جديدة تضاف إلى تلك القديمة فترفع من العرض النقدي، مع ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تحفيز للتضخم الواقع أصلا، وتحليق للأسعار الحاصل فعلاً.

غير أنه ما من دلائل واقعية ملموسة تدعو إلى تصديق تصريحات ميالة. على العكس من ذلك، فإن درجة الانهيار الاقتصادي وتراجع الإيرادات وزيادة النفقات تدعونا إلى إثارة عاصفة من الشكوك حول ادعاءات حاكم المصرف المركزي بأن العملة الجديدة ما هي إلا استبدال لتلك المهترئة.



أعباء هائلة

تتحمل الحكومة السورية أعباءً مالية هائلة، ففضلاً عن أعباء تمويل الحرب التي تساعدها فيها كل من إيران وروسيا، تتحمل أعباء تمويل القطاع الإداري والخدمات العامة، فتنفق على الرواتب والأجور والماء والكهرباء والاتصالات. يضاف إلى ذلك الإنفاق الاستثماري الذي كان شبه متوقف في العامين الماضيين وعاد بصورة خجولة مع مطلع العام الجاري.

هكذا فإن المصرف المركزي قام طيلة سنوات الثورة السورية، ومن دون أن يعلن ذلك صراحة، بتمويل نفقات الحكومة سواء عبر استنزاف الاحتياطي النقدي للعملات الأجنبية أو عبر طباعة عملة جديدة.

فلا سبيل آخر إلى تمويل كل تلك النفقات في ظل تراجع إيرادات الدولة. إذ فقدت الحكومة السيطرة على الحقول النفطية، وتراجعت إيراداتها الاستثمارية والعائدات الضريبية مع إغلاق المؤسسات الاقتصادية وإفلاس أصحابها أو هجرتهم إلى الخارج.

هكذا يبدي النظام المالي ككل طلباً متزايداً على النقد المركزي أو العملة، وهو ما يدفع الحكومة لطباعة المزيد منها ليضاف إلى العملة القديمة، بما يخالف ادعاءات ميالة، وبما ينذر بمزيد من ارتفاع الأسعار الذي بات يدمر السوريين بقدر ما تفعل الحرب.

increase حجم الخط decrease