الخميس 2014/04/17

آخر تحديث: 05:11 (بيروت)

الطفيل.. 'ضيعة ضايعة'

الخميس 2014/04/17
الطفيل.. 'ضيعة ضايعة'
الأهالي: الأفضل أن نحرق أنفسنا
increase حجم الخط decrease
ربما كان على الدولة اللبنانية في مناهجها التعليمية أن تدقق أكثر في مساحة لبنان الـ10452 كلم مربع التي يحفظها اللبنانيون ويرددونها ويستخدمونها كشعارات سياسية. شرقاً هناك 52 كلم تُحسب على لبنان وعلى خرائطه وفي مساحته لكنها لا تنطبق عليها أي صفة من صفات الإرتباط بالوطن.
 
في الطفيل، البلدة البقاعية التي لم تعرف منذ الإستقلال اي حضور للدولة وأجهزتها، كارثة إنسانية تحصل. كارثة مرجحة للتفاقم في ظل أوضاع لم تشهدها اي بلدة لبنانية من قبل وحتى تلك التي تعرف بأنها "محرومة" أو من بلدات الـ"أطراف".
 
منذ إندلاع الثورة السورية والقرية اللبنانية - اسمياً فقط - تعاني أضعاف ما عانت منه أي منطقة لبنانية حدودية أخرى. واقعها الجغرافي الذي يحيط به الأراضي السورية من الجهات الثلاث وترتبط بلبنان من جهة واحدة، بما يشبه "شبه الجزيرة" فرض عليها ما لا يطاق.
 
قبل الثورة كانت تلك القرية اللبنانية لا يربطها بلبنان سوى المعاملات الإدراية، بلا ماء وكهرباء وخدمات وحتى طريق يصلها بالقرى المجاورة. طريق ترابي بدائي يصلح للعبور جزئياً ستة أشهر، ويصبع مقطوعاً شتاء. استمرت الطفيل في تأمين حياة أبنائها من الداخل السوري، إلى أن أنعمت الدولة في عهد حكومة رفيق الحريري بمدرسة ومسجد وكهرباء، وبقيت طريقها بإتجاه البقاع مقطوعة.
 
اليوم لا شيء تغير في واقعها، لم تلتفت الدولة بعد إليها، لا تزال تعتبرها أطرافاً، لكن مع الواقع السوري، بعض الأطراف تحترق. منذ ثلاثة أشهر وبعد أن قطعت كل طرق التواصل مع الداخل السوري، قطع "حزب الله" وفق ما يقول سكان البلدة الطريق الوحيد الترابية التي تربطها بجارتها البقاعية بريتال، بالسواتر الترابية، مانعاً أي تواصل مع الداخل اللبناني، فيما التواصل مع الداخل السوري على حاله.
 
أضحت المدينة التي يقدر عدد سكانها بـ4200 نسمة وفق أحد السكان، تزرع لتأكل، وتعد مونة حصار قد يطول وواقع قد يسوء. إلى الـ4200 نسمة، في الطفيل 2500 سوري من المقيمين الدائمين، وأكثر من 5000 من النازحين. تضم البلدة بإختصار أكثر من 12000 إنسان مقطوع عن العالم، بلا دواء أو طعام.
 
مؤخراً وكما جرت العادة، تكرر قصف الطفيل من قبل النظام السوري. قصف وجوع دفع بعض الأهالي والنازحين إلى الهرب بإتجاه عرسال التي تبعد 85 كلم. عبر الجرود، سلك الهاربون درب آلام عساه يصل  الى عرسال التي يرون فيها واقعاً أفضل من الموت في الطفيل.
 
"الضيعة مقبلة على كارثة إنسانية" يقول أحد سكان القرية. ويضيف لـ"المدن": "الأفضل أن نحرق أنفسنا على أن نموت جوعاً
وحصاراً، في قرية لم تعترف بها الدولة اللبنانية منذ الإستقلال". لا يبالغ سكان القرية في شرح واقعهم، وحتى من نزح اليها لم يصله أي كسرة خبز من الدولة أو المنظمات الدولية. يقولون: "سمعنا مراراً عن مساعدات ستصل الى الطفيل من دون أن يحصل ذلك، نحن نموت جوعاً وكأننا في مجاهل أفريقيا، وواقعنا ليس كواقع أي منطقة محرومة في لبنان بل أسوأ بعشرات المرات".
 
واقع الطفيليين دفعهم إلى الإتصال بالمسؤولين، صرخوا من هواتفهم عسى صوتهم يسمع، غضب البعض من اللهجة وتفهم البعض الآخر، وحط موضوع الطفيل في مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة، فكلف الوزيران نهاد المشنوق وأشرف ريفي متابعة الموضوع وطلب فتح طريق سريعاً واغاثة اللبنانيين، وعبر أحد وزراء "حزب الله" عن إنفتاح الحزب على كل الطروحات لإنقاذ واغاثة الطفيل اللبنانية، متحدثاً بإسهاب عن العلاقة مع الأهالي. كما علمت "المدن" أن المشنوق تكفل بمهمة التنسيق مع "حزب الله" في هذا الإطار.
 
وصل صوت أهالي الطفيل، "الضيعة الضايعة"، من هواتف سورية بما أن التغطية اللبنانية لا تصل إليهم، لكنهم في المقابل لا يزالوا متوجسين. "أكثر من ستين سنة ونحن نسمع الوعود". في المقابل، يتمسكون بالأمل فهو خلاصهم الوحيد، وليس أمامهم سواه، وإلا "فلننتحر جميعاً قبل أن يقتلنا الجوع".
increase حجم الخط decrease