الأربعاء 2014/04/16

آخر تحديث: 04:25 (بيروت)

التلفزيون السوري: صور مركبّة رغم الأفضلية الميدانية!

الأربعاء 2014/04/16
التلفزيون السوري: صور مركبّة رغم الأفضلية الميدانية!
مراسل الإخبارية السورية لحظة إستدارته لإعطاء الإشارة للعسكري بإطلاق القذيفة
increase حجم الخط decrease
وحده فريق قناة "المنار" دفع ثمن دخول معلولا، بشكل "مبكر" ربما، حتى بمعيار "صداقتها" مع النظام. تغطيته التي لم تتحقق، كان يمكن أن تكون أكثر واقعية (رغم الموقف السياسي المؤيد للنظام)، بالمقارنة مع تغطية التلفزيون الرسمي السوري للحدث نفسه، في الوقت نفسه. فالشاشة الأخيرة، واكبت الحدث، من بعيد، بصور مركبة، إستدعت ردود أفعال ساخرة  في مواقع التواصل الإجتماعي، وكانت أبرزها إشارة مراسل القناة للعسكري السوري بإطلاق قذيفة المدفعية، أثناء حديثه عن التغطية النارية. 

وتعد صورة مراسل التلفزيون السوري، على تلة قرب مربض للمدفعية في القلمون، أبرز مثال على الفيديو المركب. وعادة ما يطلق المصورون الصحافيون على صورة فوتوغرافية مهّد المصور لها بإجراء بعض الترتيبات قبل التقاطها، بالصورة المركبة. هي شائعة كثيراً.. وكانت ايام الحرب الأهلية اللبنانية أكثر شيوعاً في أوساط مصورين غير محترفين. ويقول مصورون عاصروا تلك التجربة أن بعض العاملين في هذه المهنة كانوا يطلبون من مقاتل ميليشياوي ما أن يتقدم الى محور السوديكو، مثلاً، ثم يلتقطون صورة له اثناء رميه قذيفة "آر بي جي".

التلفزيون الرسمي السوري، نفذ فكرة التركيب نفسها، في معلولا، بفارق 30 عاماً، وبشكل مفضوح أكثر. أنهى المراسل تقريره في معلولا، ووقف قرب مربض للمدفعية لاختتامه. قال إن القوات الحكومية تتقدم وتلاحق المسلحين المعارضين. وبإشارة منه، تؤكد الإتفاق المسبق على اللقطة، حرّك المراسل يده الى الخلف، ما بدا كأنه أمر بإطلاق القذيفة. وبالفعل، في اللحظة نفسها، إنطلق المدفع... وخفت صوت المراسل لصالح الدويّ.

لم يحسب التلفزيون السوري أن خطوة مشابهة يمكن أن تضرب حدّاً أدنى من مصداقية قد تتوافر في التقرير، بالمعنى الميداني/العسكري/النظامي على الأقل، رغم أنه من انتاج التلفزيون الرسمي. والواضح أن المراد من الصورة، إيحاء بأن الإعلام الرسمي حيوي في الميدان، علماً أن موقع وقوف المراسل،لا يوحي بأنه في قلب المعركة.

وتأتي هذه التغطية عقب خلافات بين السلطات السورية والقنوات التلفزيونية "الصديقة"، والتي قوضت دمشق حركة تغطيتها المباشرة في البلاد. وكانت قناة "الميادين" اعترضت على إخضاع بثها المباشر لشروط سورية، تقضي بالحصول على إذن من شعبة الأمن السياسي قبل التوجه الى الميدان، إسوة بسائر وسائل الإعلام العاملة في البلاد. وبدا واضحاً، الإثنين، عقب السيطرة على معلولا، أن القنوات الصديقة لم تبث مباشرة من قلب الحدث، فيما كان فريق "المنار" عازماً على البث بعد ساعات قليلة من إستعادة النظام السيطرة عليها. وحال إطلاق النار على الفريق، فقتل ثلاثة من أعضائه، دون وصولهم الى دير مار تقلا في البلدة المسيحية التاريخية.

والمقارنة هنا تصحّ بين قناتين تلفزيونيتين غطتا الحدث نفسه في وقت سابق. "المنار" كانت على تماس مع الحدث إنطلاقاً من ايديولوجيا حزبية يعتنقها المراسلون أيضاً، ما أدى بهم، على يبدو، إلى المخاطرة. في المقابل، بدا التلفزيون السوري غير مستعد لتقديم أي تضحية، وكان قدمها في السابق حين قتلت مراسلته يارا عباس في معارك القصير. وعلى هذا الأساس، نأى بنفسه عن الإلتصاق بالموقعة، مفضلاً تقديم صورة "حدثية" غير واقعية.

واستناداً الى تجربة التغطية الرسمية، لم تُبثّ صورة حقيقية من قلب حدث معلولا، لحظة وقوعه. التحقت قناة "أل بي سي" بالحدث، في اليوم التالي. إستطاعت، تحت إشراف القوات النظامية السورية، أن ترصد بعضاً من المعارك الأخيرة على جيوب البلدة. وصوّرت دخول المدرعات السورية اليها. كانت الأولى بين وسائل الإعلام اللبنانية التي تبث صورة مباشرة من البلدة. وبدت ملتزمة بالشروط السورية، نظراً لمرافقة المراسل إدمون ساسين القوات الحكومية.

صورة معلولا، على مدى اليومين الماضيين، لم تكن بحجم المتوقع لبلدة أثارت خصوصيتها جدلاً عالمياً. إستطاع النظام السوري أن يروّض وسائل الإعلام.. وفي الوقت نفسه، لم يقدم البديل الحقيقي لغياب الصورة. تلاعب بها، وأخضع الصورة لتوجيهاته. وفي المقابل، لم يكن هناك أي بديل للخروج عن طوعه. السبق أحياناً يفرض الإلتزام، حتى لو كان أقل من المتوقع.
   
lbc2.jpg
"أل بي سي" القناة اللبنانية الوحيدة التي بثت مباشرة
من معلولا برفقة القوات الحكومية


increase حجم الخط decrease